[real_title] جاء إعلان شركة السويس للأسمنت، الأسبوع الماضي، إيقاف مصنع أسمنت بورتلاند طرة، وإمكانيه الاتجاه إلى التصفية ليلقى بظلاله على حالة الأزمات التي تواجه شركات الأسمنت في مصر. وتواجه الشركات تحديات عديدة خلال العامين الأخيرين جراء زيادة المعروض من الإنتاج الذي يفوق الطلب، وفي ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي ساهم أيضا في صعوبة تصريف المنتج خارجيا مع ضعف القدرة التصديرية وتراجع التنافسية مع الدول الأخرى. ووفقًا لبيانات 5 شركات أسمنت مدرجة في البورصة، فإن مبيعاتها تراجعت خلال الربع الأول من العام الجاري، بسبب زيادة المعروض وانخفاض الطلب المحلي على الأسمنت. وفي 10 يونيو الجاري، وافقت الجمعية العامة غير العادية لشركة أسمنت بورتلاند طره على قرار مجلس الإدارة بالإيقاف المؤقت للشركة، لوقف نزيف الخسائر التي تتعرض له. وقال خوسيه ماريا ماجرينا، العضو المنتدب للشركة في خطاب مرسل للعاملين بالشركة إن قرار الإيقاف المؤقت هو الخيار الأنسب لجميع أصحاب الشأن بالشركة. وأضاف: " ومع ذلك فقد نضطر في النهاية إلى تصفية الشركة إذا واجهتنا صعوبات في تنفيذ قرار الإيقاف المؤقت". وقالت شركة أسمنت بورتلاند طرة، في بيان، إن الطلب المحلي على الأسمنت انخفض في الربع الأول من 2019 بنسبة 8.8% مقابل نفس الفترة من العام الماضي، ليواصل الانخفاض على الطلب العام الثالث على التوالي. وأوضحت أن سوق الأسمنت يشهد حاليا زيادة هائلة في العرض تتجاوز 30 مليون طن سنويا، في مقابل انخفاض الطلب، "ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات لا تغطي تكلفة الإنتاج". وأشارت إلى أنه رغم كل الجهود التي بذلتها لخفض تكلفة الإنتاج والتشغيل "فإن الوضع المتفاقم في السوق يجعل من نشاط الأسمنت بالشركة نشاطا محققا لخسائر نقدية بصفة مستمرة، ولا يُتوقع له أن يشهد انفراجة في المستقبل القريب". وكانت أسعار الأسمنت شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الشهور الأولى من 2018 لتتجاوز مستوى ألف جنيه للطن لأول مرة، قبل أن تتراجع مع زيادة المعروض على الاستهلاك، وتتراوح أسعار الأسمنت في السوق حاليا بين 780 و900 جنيه للطن. سمير يحيي، عضو شعبة البناء، قال إن الأسمنت سلعة غير قابل للتخزين، والشركات لا تعمل بكامل طاقاتها؛ كون الطلب قليل جدا بالتوازي مع حالة من الركود تضرب القطاع. وأضاف يحيى أن الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت في مصر تصل إلى 80 مليون طن، في حين أن الإنتاج الفعلي يقدر بـ 55 مليون طن، وتوجد في مصر 20 شركة لإنتاج الأسمنت. وأشار إلى أن التكلفة ارتفعت أكثر من الضعف منذ تعويم الجتيه في نوفمبر 2016. ورفعت الحكومة أسعار توريد الغاز الطبيعي لصناعة الأسمنت، بداية يوليو من عام 2014، إلى 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لصناعة الأسمنت، بدلا من 3 دولارات، وهو ما تضاعف تكلفته على الشركات بعد الانخفاض الحاد في سعر الجنيه بعد التعويم، حيث تقوم الحكومة أسعار الغاز للشركات بالدولار. الخبير الاقتصادي، خالد الجارحي، قال إن هناك عدة تحديات تواجه مصنعي الأسمنت يأتي على رأسها زيادة الطاقة الإنتاجية للشركات عن الطلب بالسوق، وارتفاع تكلفة مكونات الإنتاج، ومنها الطاقة التي تمثل 50% من تكلفة شيكارة الأسمنت، مع وجود ارتفاع التكاليف الأخرى. وأشار إلى أن هناك زيادة ضريبة المحاجر، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وزيادة تكلفة الصيانة وقطع الغيار بعد تحرير سعر الصرف بسبب استيراد أغلب موادها من الخارج، وارتفاع تكلفة الاقتراض بعد رفع الفائدة. وفي يوليو 2010 عدلت الحكومة ضريبة المبيعات على الأسمنت من 2.5% للطن إلى 5% من قيمة المبيعات، ثم إلى 14% مع زيادة ضريبة القيمة المضافة في يوليو 2017، كما فرضت حدا أدنى لرسم تنمية الموارد المفروضة على الطَفلة التي تستخدمها مصانع الأسمنت بواقع 15 جنيها على كل طن إنتاج، في يوليو 2010. الجارحي أوضح أن ما يفاقم المشكلات التي تواجهها شركات الأسمنت أن زيادة تكلفة الإنتاج تمثل عائقا أيضا أمام الباب الثاني لتصريف الإنتاج وهو التصدير إلى الخارج، رغم أن المفترض زيادة جاذبية صادرات مصر بعد الانخفاض الحاد في الجنيه عقب التعويم في نوفمبر 2016. ورغم ارتفاع صادرات مصر من الأسمنت بنسبة 242% خلال 2017 مقارنة بعام 2016، مسجلة نحو 2.7 مليون طن، بحسب المجلس التصديري لمواد البنا، فإن هذه الكمية لا تتجاوز حدود الـ 5% من الإنتاج السنوي في مصر. وذكر تقرير حديث لوحدة الأبحاث في بنك استثمار فاروس فإن شركات الأسمنت تواجه ضغوطا كبيرة في ظل زيادة المعروض وانخفاض الطلب المحلي والصادرات، حيث تراجع الطلب بنسبة 9% ليسجل 12.3 مليون طن في الربع الأول من 2019، ما تسبب في تراجع أسعار المبيعات في الربع الأول بنسبة 5.3%. وأضاف التقرير أن إجمالي إيرادات شركات الأسمنت انخفضت خلال الربع الأول من العام الجاري للشركات التي تعمل في السوق المحلي، بينما تمكنت الشركات التي تعتمد على التصدير من تحقيق استقرار لإيراداتها مقارنة بنفس الربع من العام الماضي. وفي ظل استمرار التحديات التي تواجه شركات الأسمنت، توقع تقرير فاروس استمرار موجة انخفاض الأسعار في الربع الثاني من عام 2019، نتيجة ضعف الطلب في شهر رمضان، واستمرار زيادة المعروض. وقال تقرير فاروس، إنه "فيما عدا البنود الاستثنائية، وأرباح فرق العملة، والأرباح الرأسمالية، نتوقع أن القطاع سيواصل تقديم مستويات أداء سلبية، كما أن الضغط على هوامش الربح سيستمر هو الآخر". وترى فاروس، أن هناك عدة سيناريوهات يمكنها تحسين أوضاع شركات الأسمنت، وتتضمن إجراءات إصلاح القطاع، أو استعادة الطلب، أو تخارج مزيد من المنتجين من السوق، فيما أشار التقرير إلى أن "أي شيء آخر بخلاف ذلك سيدعو إلى استمرار حالة الضعف في السوق".