[real_title] تصدر ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 38 مليار دولار الصحف المصرية وبرامج التوك شو ووسائل التواصل الاجتماعي في مقابل إغفال جانب آخر هو الصعود الكبير للديون الخارجية بالتوازي خلال نفس الفترة. وأعلن البنك المركزي المصري، الأحد، ارتفاع الاحتياطي الأجنبي بنحو 45 بالمائة على أساس سنوي في يناير 2018، فيما لم يعلن منذ أكثر من 7 شهور عن حجم الدين الخارجي. وأشار البنك المركزي، في بيان، إلى ارتفاع حجم الاحتياطي إلى 38.209 مليار دولار بنهاية يناير مقابل 37.02 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي . فيما تبلغ قيمة الالتزامات المالية واجبة السداد على الحكومة المصرية بـ12 مليار دولار خلال 2018، وفقًا للمركزي المصري. ودائما ما يردد البنك المركزي أن الدين الخارجي يظل في الحدود الآمنة، فيما يعتبر اقتصاديون أن الحدود الآمنة للدين العام بصفة عامة داخلي وخارجي هي ألا يتعدى إجمالي هذا الدين نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي حين أن الدين العام المحلي الداخلي والخارجي في يونيه 2017 بلغ 4.5 تريليون جنيه (حيث يبلغ الدين العام المحلي فقط 3.1 تريليون جنيه) وهو ما يعني أن نسبة الدين العام المحلي والخارجي تجاوزت نسبة 136% من الناتج المحلي الإجمالي. ووفق البنك المركزي فإن صافي الدين الخارجي خلال العام المالي 2016-2017 صعد في يونيو 2017 إلى 79 مليار دولار، مسجلا ارتفاعا نحو 23.22 مليار دولار في عام واحد فقط بنسبة 41.6% حيث بلغت قيمته في نهاية يونيه 2016 مبلغ 55.8 مليار دولار. كما أن الاحتياطي الذي يمتلكه البنك المركزي في جله ليس ملكه بل إن غالبيته ودائع دولارية ملك دول أخرى، وسندات تم إصدارها بالخارج، فضلا عن حصيلة بيع أذون خزانة حكومية لأجانب والتي لن يستمر الوقت طويلا في الاحتفاظ بها باعتبارها أموال ساخنة دخلت مصر للاستفادة من العائد المرتفع على أذون الخزانة وهي للخروج في الأجل القصير أقرب منها للبقاء. "فيتش": 100 مليار دولار وبينما لم يعلن المركزي عن الدين الخارجي، قدرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الشهر الماضى، حجم الدين الخارجي لمصر بنحو 100 مليار دولار في نهاية 2017.ووفقا لتقديرات "فيتش"، فإن حجم الدين ارتفع بشكل حاد في نهاية العام الماضي ليصل إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي، بعدما سجل 23% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016. الاحتياطي قروض والإنتاج ضرورة أحمد العادلي، الخبير الاقتصادي، قال إن الارتفاعات الحالية في الاحتياطي النقدي وهمية عبارة عن قروض وسندات ليست ذات تأثير كبير وهو ما نلاحظه في سعر الدولار الذي لم ينخفض. وأكد لـ"مصر العربية" أن الحكومة يجب أن تعمل على إعادة عجلة الإنتاج وتحسين موارد العملة الصعبة من صادرات وسياحة واستثمار أجنبي حقيقي وليس الأموال الساخنة. حلقة جهنمية وتسير مصر في حلقة جهنمية عبر وزيرة القروض، سحر نصر، التي اقترضت من عدة مؤسسات دولية كالبنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية وبنك التصدير والاستيراد الأفريقي. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل اتجهت الحكومة لسوق السندات الدولية، فقامت ببيع سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار في يونيو 2015 كانت الأولى من نوعها في مصر منذ ثورة يناير 2011. ثم باعت في يناير 2017 سندات دولية أخرى بأربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح، وفي أبريل 2017 وافقت الحكومة على زيادة سقف إصدار السندات الدولية ليصل إلى سبعة مليارات دولار. وباعت ما قيمته ثلاثة مليارات دولار أخرى في مايو 2017، ثم أعلنت الحكومة في سبتمبر عن برنامج لطرح سندات دولية في حدود سبعة مليارات دولار خلال السنة المالية 2017-2018. كما عقد البنك المركزي اتفاق تمويل بقيمة 3.1 مليار دولار مع مجموعة من البنوك الدولية لمدة عام في نوفمبر الماضي، وذلك بعد أن سدد 2 مليار دولار كان حصل عليها من بنوك دولية عبر إصدار سندات وفقا لآلية "إعادة الشراء الريبو"، أي صافي ما دخل البنك من هذه العملية 1.1 مليار دولار. و4 مليارات و750 مليون دولار قيمة الشريحة الثانية من قروض البنكين الدولي والتنمية الأفريقي في مارس، وصندوق النقد الدولي في يوليو والشريحة الثالثة للصندوق في ديسمبر الماضي. ويتوقع صندوق النقد أن يصل الدين الخارجي لمصر إلى 98.7 مليار دولار في عام 2019-2020 بعد الانتهاء من تطبيق البرنامج الاقتصادي، الذي يقوم على عدد من الإجراءات الهادفة إلى خفض النفقات الحكومية وتحقيق الانضباط المالي. بينما يزيد الدين الخارجي إلى 102.4 مليار دولار في العام التالي، الذي يفترض أن تبدأ فيه آثار الانتعاش الاقتصادي المنتظر من تطبيق البرنامج في الظهور، ليصل إلى نحو 266% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب توقعات الصندوق. فوائد الديون المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، قال إن ارتفاع الديون الخارجية والداخلية المصرية يمثل خطرا كبيرا على الدولة، مشيرا إلى أنه يدخل مصر فى دائرة تسمى "الدائرة الجهنمية". وأضاف خزيم، فى تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الدائرة تتمثل فى قيام الحكومة بالاستدانة من الداخل والخارج، ما يؤدى إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة، وارتفاع فوائد هذه القروض دون إنتاج تستطيع من خلاله الحكومة تسديد هذه الديون، ثم تقوم الحكومة بالاقتراض مرة أخرى لتسديد أقساط الديون المستحقة بسبب عجزها عن السداد من إيراداتها، وبالتالى تزيد الديون من جديد، قائلا: "بنستلف علشان نسدد اللى اقترضناه قبل كده"، وهكذا ندور فى فلك هذه الدائرة الجهنمية. وأوضح المستشار الاقتصادي، أن ذلك كله يؤدى إلى اتخاذ قرارات تصيب الاقتصاد بكل الأمراض سواء تضخم أو ركود أو توقف للاستثمارات. ولفت إلى أنه كلما اتسع مقدار الدين وتجاوز حد الأمان 60 % من الناتج القومي المحلى، وهو ما يحدث فى مصر حاليا، كلما كان الضغط أكثر اتساعا على الطبقات الوسطى في المجتمع ما يؤدى لزيادة الاحتقان والكثير من المشكلات الاجتماعية الخطيرة من جرائم وعدوان وإدمان وفقدان أمان يؤدى إلى تفكك التماسك الاجتماعي الذي يمثل المناعة الداخلية لاستقرار الدولة. وأشار خزيم إلى أن هذه الدائرة تظل مستمرة طالما لا يوجد ناتج محلي حقيقي ومصادر دخل تحسن من العجز في الميزانية أو تقلل منه على الأقل، وهو ما يدفع ثمنه في النهاية المواطن البسيط الذي يكتوي بنيران الأسعار بسبب فلسفة الجباية التي تتبعها الحكومة الحالية من فرض ضرائب ورفع أسعار، ما يؤدي إلى مزيد من الأعباء على الطبقات الفقيرة والمتوسطة. وتوقع وزير المالية المصري عمرو الجارحي، في وقت سابق، أن ترتفع مدفوعات فوائد الديون في بلاده بنسبة 9.2 بالمائة إلى 415 مليار جنيه (23.5 مليار دولار) في موازنة العام المالي الجاري 2017-2018.وكان مشروع الموازنة المصرية خلال العام المالي الجاري، يقدر مدفوعات الديون بقيمة 380 مليار جنيه (21.5 مليار دولار).وتلهتم فوائد الديون بمصر 32 بالمائة من إجمالي المصروفات حاليا مقابل 19 بالمائة قبل ثورة 25 يناير 2011.