«رغيف الخبز» تحت مقصلة صندوق النقد.. والمصيلحي يخالف وعوده

«رغيف الخبز» تحت مقصلة صندوق النقد.. والمصيلحي يخالف وعوده
«رغيف الخبز» تحت مقصلة صندوق النقد.. والمصيلحي يخالف وعوده

[real_title] "كلمات يراد بها خير ومحتواها باطل"، هكذا وصف على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، الحديث عن التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى.

 

وأضاف المصيلحي، فى تصريحات للمحررين البرلمانيين عقب موافقة المجلس على توليه منصب وزير التموين فبراير الماضي: "إن لم يتم ضبط حركة المواد فلن نتمكن من ضبط حركة النقود فى الدعم".

 

وتابع المصيلحى قائلا: "أعد أن تكون وزارة التموين وزارة المواطن، وأن يكون هدفها الأول  المواطن، بناء على القدرات والإمكانيات المتاحة، لا بد من قراءة الواقع ومعرفة ما يحدث وما يجب أن يكون، وهناك فجوة حقيقية بين ما تريده وزارة التموين من توصيل الدعم  لمستحقيه من المواطنين، وما يحدث على أرض الواقع، وسيتم مراجعة البطاقات وبقالى التموين والمخابز والغرف التجارية والمطاحن".

 

إلا أنه وزير التموين خالف وعوده بتصريحات جديدة قال فيها إن وزارته تعد خطة جديدة لإدخال منظومة الخبز  ضمن الدعم النقدي، وليس العيني، في إطار خطط الحكومة المستقبلية للتحول إلى الدعم النقدي بشكل كامل.

 

يأتي ذلك بعد يام من تأكيد صندوق النقد الدولي، في بيانه عن المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، على أهمية تحول البلاد إلى الدعم النقدي، ليكون بديلا عن الدعم العيني.

وقال صندوق النقد إنه "يمكن تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي بتحقيق تقدم أكبر، في التحول من دعم المنتجات إلى نظام التحويلات النقدية الأفضل استهدافا للمستحقين".

وقضية الدعم في مصر، ذات حساسية شديدة بسبب تداعياتها السياسية والاجتماعية، كونها ترتبط بالقطاعات الأوسع والأكبر حجما من السكان، الفقراء والمحتاجين.

وتصرف مصر حاليا 150 رغيفاً شهرياً من الخبز المدعم لكل مواطن، منذ بدء العمل بمنظومة توزيع الخبز بالبطاقات الذكية، في أبريل 2014.

وكشف المصيلحي، في تصريحات صحفية، أن خطة وزارته تعتمد على صرف قيمة دعم الرغيف للمواطن بشكل مباشر.

 

وتابع : "يعني كل فرد ليه في الشهر 150 رغيفاً، وكل رغيف الحكومة بتدعمه بـ50 قرشاً، والمواطن بيشتريه بـ5 قروش فقط، وما نفكر فيه هو تحويل هذا الدعم العيني إلى نقدي، بمعنى أن كل مواطن ياخد قيمة الدعم في عدد الأرغفة المخصصة ليه، ويحصل على 75 جنيهاً أول كل شهر".

وأضاف وزير التموين: "المنظومة الجديدة تشبه منظومة التموين التي تطبق حالياً، وأي توفير من جانب المواطن في حصته من الدعم النقدي لرغيف الخبز، يستطيع أن يحصل بها على منتجات غذائية وسلع أخرى، ورغيف الخبز البلدي وزنه 100 جرام، يعني 10 أرغفة بـ50 قرشاً يساوي كيلو، إيه في مصر الكيلو بخمسين قرش، دا غير إنه بيتنشف ويتباع علف للطيور".

ويبلغ عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز نحو 76.8 مليون فرد، حسب البيان المالي لموازنة العام الجاري.

وقال المصيلحي: "هدفنا أن يصل الدعم لمستحقيه، بدون وسطاء، وسيشتري المواطن رغيف الخبز بثمنه الحقيقي، وهو 55 قرشاً، لكنه لن يتحمل منها سوى 5 قروش، لأنه سيكون قد حصل بالفعل على 50 قرشاً كدعم نقدي عن كل رغيف، وفكرنا أن يكون هذا الدعم في صورة كاش، لكن نخشى توجيه هذه الأموال في أمور أخرى تضر بصحة المواطن".

ويحصل المواطن على 10 قروش مقابل كل رغيف خبز لا يشتريه من حصته نهاية كل شهر، ويستطيع استخدامه في شراء سلع تموينية عن رصيده الإجمالي هو وأسرته.

وعن موعد تطبيق النظام الجديد لرغيف الخبز، قال المصيلحي: "دا نظام جديد خالص، لازم نناقش وزارة المالية وأصحاب المصلحة والبرلمان، عشان أعمل تأمين البدالين التموينيين، قعدت 3 أو 4 شهور عشان أجهز الأمور".

وتبلغ تكلفة إنتاج رغيف الخبز نحو 48.05 قرش لكل رغيف، ويبلغ دعم الحكومة لكل رغيف 43.05 قرش، حيث يتحمل المواطن 5 قروش فقط، بحسب البيان المالي.

ويصل دعم رغيف الخبز لكمية تبلغ سنوياً 86.3 مليار رغيف ودقيق المستودعات نحو 39.8 مليار جنيه.

كما تبلغ قيمة دعم نقاط الخبز، والتي تُصرف بواقع 10 قروش عن كل رغيف يتم توفيره، نحو 5.4 مليار جنيه، لإجمالي 53.8 مليار رغيف.

 

شروط صندوق النقد

شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، قال لـ"مصر العربية" إن القرار أحد شروط صندوق النقد الدولي الذي طالب بعمل برامج حمائية لمحدودي الدخل وخفض الدعم تدريجيا ثم إلغاؤه.

 

وأضاف الدمرداش، لـ"مصر العربية"، أن الحكومة تواصل تنفيذ سياسات الصندوق، لافتا إلى أن الفئات الأكثر فقرا ستكون الأكثر تأثيرا من القرار.

 

وتنفذ الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي منذ منتصف 2016، مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار حصلت فعليا على 4 مليارات وتنتظر 2 مليار دولار خلال أيام.


ويتضمن البرنامج تخفيض الدعم الحكومى على الطاقة سواء بنزين أو غاز، وخفض دعم الكهرباء ومياه الشرب وبيعها بتكلفتها الحقيقية.

 

وفي المقابل، تنفذ مصر حاليا برنامج تكافل وكرامة لمكافحة الفقر، ويستهدف تقديم دعم نقدي للأسر الفقيرة.


وخلال الفترة بين مارس 2015، ومايو 2016، استفادت 1.7 مليون أسرة تضم نحو 8 ملايين فرد في مصر من برنامج تكافل وكرامة، بقيمة 7.5 مليار جنيه، وفق بيانات حكومية.
 

 

آثار سلبية

 مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، قال إن الدعم العيني له أهداف يجب ألا  نغفلها خاصة إذا كان موجّهاً إلى تحقيق أهداف معينة لتحسين نوعية التغذية مثلاً والصحة والكساء، وهذا يصلح مع الفئات التي تعاني الفقر المدقع، حيث إن الدعم العيني لا يبحث عن تحقيق مزيد من تحسين ظروف المعيشة عن طريق المفاضلة بين سلع يشتريها وإنما يبحث أن أساسيات الحياة.

 

وقال "نافع"، في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية"، إن كل أشكال الدعم تَخلق تشوهاً في الأسعار لكن الحاجة إليها مشروطة باعتبارات الأمن القومي والعدالة الاجتماعية والحد من الفقر، مضيفا أن الدعم العيني مطلوب استمراره جزئياً فيما يتعلق بتحقيق أهداف محددة والدعم النقدي أكفأ ما كان احتواء آثاره التضخمية ممكناً وكان الانتقال اليه يتم بشكل  تدريجي ووفقاً لقواعد بيانات دقيقة لأنه أسهل في التسرب إلى جيوب الفاسدين.

 

وأوضح أن هناك تحركا فعليا للتحول نحو الدعم النقدي من خلال برامج موجهة مثل "تكافل  وكرامة" يستفيد منه مليون فرد ومعاش الضمان الاجتماعي يستفيد منه مليون ونصف المليون أسرة.

 

ونوه "نافع" إلى أن الأثر التضخمي للدعم النقدي كبير جداً سواءً كان بسبب التضخم الجامح الذي بدأ يضرب الاقتصاد بدون التحول الى الدعم النقدي أو ذلك التضخم الذي يصاحب  زيادة المعروض النقدي والقوى الشرائية نسبياً في أيادي مستحقي الدعم وحينها قد تجد الدولة نفسها مضطرة إلى إعادة الدعم العيني مع بقاء الدعم النقدي.

 

وأكد استاذ التمويل أن الدعم النقدي أسهل في السرقة والتسرّب خاصة مع فساد قواعد  بيانات الفقراء، حيث إن ظاهرة تصويت الموتى في الانتخابات خير دليل، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تدعم الوقود تدعمه للمنتج وليس للمستهلك ولكنها مازالت تدعمه كسلعة استراتيچية.

 

التضخم ليس عائقًا

 

 هشام إبراهيم، خبير التمويل والاستثمار، قال إن ارتفاع معدل التضخم في السوق المصري ليس عائقا أمام التحول للدعم النقدي، مشيرا إلى أن الأزمة الوحيدة في التحول للدعم النقدي هو عدم جاهزية البيانات التى على أساسها يتم تطبيقه على مستحقيه.

 

وأضاف، فى تصريحاته لـ "مصر العربية"، أن الحكومة مازالت تقوم بعمل اختبار للمؤشرات التى سيتم على أساسها تطبيق الدعم النقدي بدلا من السلعي، مقترحا على الحكومة ضرورة  الاعتماد علي معدل الاستهلاك في الكهرباء بناء على الشرائح المحددة ومعدل الإنفاق وامتلاك العربات حسب الماركات وسعرها والضرائب.

 

وأكد على ضرورة قيام الحكومة بمراجعة قاعدة البيانات كل 6 أشهر لمعرفة المستحقين الحقيقيين للدعم.

 

كارثة

ومن جانبه، وصف الدكتور وائل النحاس، خبير الاقتصاد وأسواق المال، اتجاه الحكومة إلى تحويل الدعم العيني إلى نقدي بـ"الكارثي"، مؤكدًا أنها ليست مستعدة لذلك، ولم تقيس السوق التجارية بشكل جيد.

 

وأشار، في تصريحات صحفية، إلى أن الدعم الذي تقدمه الحكومة في السلع أكثر من 80 مليار جنيه، وللطاقة نحو 120 مليار جنيه، وتحويله لنقدي يزيد من تضخم معدلات الموازنة العامة، ولا يمكن أن تتساوى جميع الطبقات في فواتير الكهرباء والبنزين، ولا توجد بذلك طبقة متوسطة وأخرى فقيرة.

 

ويوضح أن الدعم النقدي دومًا يلاحقه تضخم غير جامح في زيادة القوة الشرائية لدى  المواطنين، متسائلا "الدولة ستسلمه لمن؟"، إن كان لمن يعول الأسرة فمن الممكن أن يصرفه على ملذاته، فضلا عن عدم وجود ضامن أن يصرفه على أسرته، كذلك الحال مع كل أفراد الأسرة.

 

يذكر أن مستحقي الدعم على بطاقات التموين يصل عددهم إلى 70 مليون مواطن من خلال 20 مليون بطاقة تموين مسجلة على قاعدة الدعم.

 

أشكال الدعم

يأخذ الدعم في مصر عدة أشكال أبرزها الدعم المباشر وغير المباشر ودعم الهيئات الاقتصادية، والمباشر أما موجه لحماية المستهلك أو المنتج، من خلال السلع الأساسية ويشمل دعم السلع التموينية ورغيف الخبز، ودعم الأدوية الأساسية والتأمين الصحى على طلاب المدارس والجامعات، دعم الصادرات السلعية وكذا الدعم الموجه لفرق فوائد القروض الميسرة للإسكان الشعبى والمشروعات الصغيرة ونقل الركاب.

 

أما الدعم غير المباشر فهو الفرق بين تكلفة الإنتاج وثمن البيع، ويشمل جميع المنتجات البترولية "بنزين وكيروسين وسولار ومازوت وغاز طبيعى" والكهرباء ومياه الشرب.

 

ومما سبق يتضح أن أغلب أشكال الدعم في مصر تعتمد على الدعم العيني وهو دعم السلع، وهو ما تسعى الحكومة لاستبداله بالدعم النقدي.

 

عيوب الدعم العيني

 

في ظل المنظومة القائمة تعد أبرز عيوب الدعم العيني هي عدم وصول الدعم لمستحقيه،  حيث يحصل عليه المستحق وغير المستحق، كما أن دعم الغذاء لا يعود بالضرورة يعود على الفقراء، كذلك الحصص التموينية لتغطية احتياجات الأسر والأفراد غير كافية، لأن الدولة ترى أنها مسئولة فقط عن توصيل الحد الأدنى من الغذاء، كما أن عدم وجود تصنيف واضح يمكن الاعتماد عليه فى تحديد طبقات الاستهداف طبقا لمستويات دخول الأفراد سواء فى القطاع الحكومى أو الريفى أو القطاع الخاص يعد رابع الأسباب.

 

بالإضافة إلى ما سبق فإن تهريب السلع التموينية احد أبرز عيوب الدعم العيني، كما أن بيانات وزارة التموين تشير إلى أن نحو 15% من حاملى البطاقات التموينية لا يستخدمونها كما أن هناك أفرادًا فى بعض الأسر غير مدرجين على هذه البطاقات، وكذلك أعداد كبيرة من المتوفين والمسافرين للخارج.

 

مميزات الدعم النقدي

 

هناك عدد من المميزات في الدعم النقدي تدفع الكثير من الخبراء لاختياره بديلا أفضل  للدعم العيني، وأبرز هذه المميزات أن الدعم سيصل لمستحقيه فقط، ولعل هذه النقطة الأهم، بالإضافة إلى ذلك أن الدعم النقدي تكلفة توزيعه أقل الدعم، فلا يحتاج آلاف الموظفين كالدعم العيني.

 

يرى الخبراء أيضا أن الدعم النقدي يضمن مقدار أقل من الهدر والفساد، بالإضافة إلى أنه  وسيلة مثالية لتقليل الاستهلاك حيث إن الفرد لن يشتري سوى ما يحتاج إليه، حيث سيجعل نمط استهلاكه أكثر رشاده ومسؤولية، كما أنه يمنح حرية الاختيار للمستهلك.

 

وعلى المستوى الوطني فإن الدعم النقدي يقدم تخصيص أفضل للموارد على المستوى  الوطني، حيث أنه سيوفر الكثير من الأموال للحكومة يمكن استخدمها في في موارد أخرى، كما أنه تسهيل المحاسبة وتغلق الثغرات، بالإضافة إلى أنه يعد سيرا على خطى دول العالم المتقدم، حيث إن جميع دول العالم المتقدم تقريبا تعمل بشكل أساسي بنظام الدعم النقدي.

 

مخاوف التحول

 

بعيدا عن المميزات والعيوب فإن هناك العديد من المخاوف التى تنتاب الفقراء من فكر التحول إلى الدعم النقدى وأهمها، حدوث أزمات عالمية تدفع أسعار الغذاء للارتفاع، وكذلك ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى بما يمكن أن يرفع أسعار الغذاء بنسب كبيرة فوق نطاق تحمل الفقراء، وهو ما يجعل الدولة لإعادة النظر دوريا فى المبالغ المخصصة للدعم النقدى، وهو في الغالب لا يحدث.

 

لمن يتم صرف الدعم النقدى؟.. هو سؤال هام أيضا يثير مخاوف البعض، هل يصرف الدعم للأب الذى ربما يكون غير أمين وينفقه على ملذاته أم للأم التى ربما تنفصل عن الزوج والأسرة وتستأثر بمبلغ الدعم وحدها؟، وكيف تضمن الدولة أن الدعم النقدى سيستخدم فى شراء الغذاء فقط دون غيره ووصوله إلى كل أفراد الأسرة.

 

رأي الحكومة

 

 المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء (ينوب عنه حاليا مصطفى مدبولي وزير الإسكان لظروف صحية)، قال ردا على اتجاه الحكومة لتحويل دعم السلع الى الدعم النقدي بدلا من العيني، إنه حتى الآن لا يوجد لدينا قرار محدد، لتحويل دعم  السلع  إلى دعم نقدي، لكننا نعمل بمزيج بين الدعم العينى والدعم النقدى.

 

وأضاف "إسماعيل"، في تصريحات سابقة، أن التحول إلى الدعم النقدي يحتاج لفترة زمنية، وهو سمة موجودة في كل دول العالم المتقدمة، حتى تستطيع التحكم فيه، ويعطى الدعم النقدي لفترة زمنية  معينة، ويراقب الحالة والمال، وبناء عليه يزوده أو يلغيه، وفى هذه الحالة الدعم سيكون موجهًا لأسرة أو شخص بعينه

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى