6 أسباب اقتصادية «فجّرت» المظاهرات في إيران

[real_title] "القضايا الاقتصادية استخدمت كذريعة للدخول إلى مواضيع أخرى.. هناك سيناريوهات مختلفة تجري في الخفاء".. بهذه الكلمات وصف النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري الاجتجاجات في بلاده. 

 

وشهدت العديد من المدن الإيرانية في الأيام الماضية؛ احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.

 
وبدأت المظاهرات، الخميس الماضي، في مدينة مشهد، ثاني كبرى المدن الإيرانية، وامتدت لاحقًا إلى مدن: نيسابور، وشاهرود، وكرمانشاه، وقُم، ورشت، ويزد، وقزوين، وزاهدان، والأحواز، والعديد من المدن الأخرى.

 

الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة وصفتها الحكومة بأنها "غير قانونية"حيث نشرت صحيفة إيران، الناطقة الرسمية باسم حكومة حسن روحاني، مقالًا في صفحتها الأولى، أمس الأول، قالت فيه: "البعض يظن أن الشعب مطية لبلوغ الأهداف".

 

  
شركات التمويل المفلسة
 
ولم تظهر الاحتجاجات بين ليلة وضحاها، ففي 2016، نظّم الضحايا الذين فقدوا مدخراتهم في شركات التمويل المفلسة التي تجاوز عددها 6 آلاف شركة، مظاهرات احتجاجية في طهران خاصة والعديد من المدن الأخرى، رافعين أصواتهم وموجهين انتقادات شديدة اللهجة للحكومة الإيرانية.
   
لكن هذه المرة حظيت المظاهرات بدعم الطبقات الفقيرة من المجتمع والمجموعات السياسية المعارضة، التي بدأت بالانضمام إلى الاحتجاجات.
 
كما شكلت المطالبة بتحسين الظروف المعيشية في البلاد والاحتجاج على الفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية السيئة، الأهداف الرئيسية للمتظاهرين، إضافة إلى انتقاد البنية المتداخلة للسياسة الخارجية مع الاقتصاد في إيران.


غالبية الشركات المفلسة مملوكة لشخصيات محافظة، كما أن أموال الشعب المودعة في هذه الشركات ذهبت مع الريح، دون أن يتحمل أحد المسؤولية.
 
وقبلت الحكومة سداد ديون شركتي "قزوين" و"البورز" الخاضعتين لضمانات البنك المركزي الإيراني؛ وهو ما سوف يؤدي إلى ازدياد الإحباط بسبب عدم قبول الحكومة تغطية ديون الشركات الأخرى المفلسة، وزيادة انتشار المظاهرات.
 
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن دفع تلك الديون من ميزانية الدولة، سيواجه باعتراض قطاعات أخرى من المجتمع، فضلًا عن أن الحكومة لا تستطيع تغطية جميع هذه الديون بسبب النقص الحاد في الموارد المالية.


الانشغال بالخارج

 

رفع المحتجون شعارات من قبيل "لا تنفقوا أموالنا على سوريا وغزة ولبنان"، وهتفوا "الشعب بات كالمتسول"، داعين بالراحة الأبدية لروح شاه إيران رضا بهلوي (حكم إيران ما بين 1925 و1941)، الذي اعتبرونه رمزًا لتحديث البلاد.
 
كما هتف المحتجون شعارات أخرى أبرزها: "اتركوا سوريا وشأنها واهتموا بأحوالنا"، و"لا لغزة، ولا للبنان، روحي فداء لإيران"، و"يسقط حزب الله"، و"لا نريد جمهورية إسلامية"، و"استقلال وحرية وجمهورية إيرانية"، و"الشعب بدأ يتسوَّل".

 

وتشير الهتافات إلى مدى انشغال السلطات الإيرانية بالخارج عن الداخل، إذ يصارع النظام الإيراني في عدة جبهات خارجية، ما بين سوريا والعراق، واليمن ولبنان، ناهيك عن الصراع الكبير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالإضافة إلى التراشق الدائم مع النظام السعودي.
 

وكان المواطن الإيراني يأمل أن تتحسن ظروف حياته المعيشية بعد الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات الدولية على بلاده، حيث أفرجت الولايات المتحدة في عهد أوباما عن مئات الملايين من الدولارات من أموال إيران المجمدة، يرى كثير من الإيرانيين أنها ذهبت لتمويل ميليشيات إيرانية في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

 

ويتهم الكثير من النشطاء الإيرانيين الدولة بتخصيص الجزء الأكبر من إيراداتها للإنفاق على الخارج، فيما كشف وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني، في وقت سابق عن أن نسبة البطالة في إيران ببعض المدن ارتفعت بشكل مبالغ فيه، ووفقًا لمركز الإحصاء الإيراني، فإن عدد العاملين في إيران يبلغ 22 مليون شخص من أصل 78 مليون نسمة، وهذا يعني أن نسبة العاملين إلى عدد السكان لا تتجاوز 27%، أي أن كل شخص يعمل يقابله 3 أشخاص لا يعملون. 

 

ويحمل روحاني وحكومته واشنطن سبب فشلهم في جذب المليارات من الخارج، وذلك في ظل تصريحات الرئيس دونالد ترامب حول الاتفاق النووي؛ إذ سبق لوزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، أن قال: «إن السبب الرئيس في غياب الاستثمارات هو القيود السياسية والضغط على الشركات من جانب الولايات المتحدة».

 

وفي الوقت الذي تقدر فيه حكومة روحاني الاستثمارات الأجنبية اللازمة للنهوض بالاقتصاد بنحو 50 مليار دولار سنويًا، لم تتمكن سوى من جذب 11 مليار دولار استثمارات مباشرة منذ يناير 2016، وحتى منتصف 2017.


وشهدت إيران في 2009 مظاهرات لدعم الجناح الإصلاحي، إلا أن المظاهرات الأيام الأخيرة مختلفة تمامًا. فهي تستهدف جناحي السلطة الإصلاحيين والمحافظين.
 
وعلى الرغم من كل شيء، فإن المظاهرات الحالية اكتسبت سياقًا سياسيًا وبدأت بالتطور في مشهد حمل مفاجآت غير متوقعة للسلطات السياسية.

 

ومع اتساع نطاق المظاهرات في جميع أنحاء البلاد؛ اكتفى جناحا السلطة بتبادل إلقاء اللوم والاتهامات بالمسؤولية عن المظاهرات.

 


 

ضعف القطاع المصرفي

وتعد البنوك الإيرانية أكبر العوائق التي تعرقل أي إصلاح اقتصادي في البلاد حيث إن القطاع قد عمل لعقود طويلة معزولًا عن بقية العالم المالي، فيما يكافح العديد من البنوك الإيرانية من أجل الامتثال للمعايير المصرفية الدولية، بعد سنوات من السياسات الشعبية، في الوقت الذي يعاني معظم القطاع من ارتفاع مستويات الديون المعدومة.

 

وبحسب تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» فإن أسعار الفائدة التي تصل إلى 30% ساهمت في ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، خاصة أن نسبة هذه القروض تصل إلى 400% من إجمالي قروض كثير من البنوك.

 

وفي الوقت الذي يكافح فيه المقترضون لسداد قروضهم، تستمر الديون في الارتفاع، حيث إذ بلغ إجمالي الدين المستحق على كيانات الدولة والقطاع الخاص للبنوك نحو 11.374 تريليون ريال إيراني (346.5 مليار دولار) بنهاية العام الإيراني الأخير 20 مارس 2017، وذلك بزيادة قدرها 25% عن العام السابق، وفقًا لأرقام البنك المركزي.

 

 

الحرس الثوري

ويسيطر الحرس الثوري على حوالي ثلث الاقتصاد الإيراني، من خلال بسط نفوذه على عدد من المؤسسات والصناديق الخيرية والشركات الفرعية، وتشير تقديرات أخرى إلى أنه يهيمن على كبرى القطاعات الاقتصادية، ساعد فرض العقوبات الدولية على إيران في زيادة مساهمة شركات الحرس الثوري في النشاط الاقتصادي.

 

وكان الحرس الثوري يبني نفوذه الاقتصادي لأكثر من 20 عامًا، ولكن مع تولى الرئيس محمود أحمدي نجاد – عضو  الحرس – منصبه في 2005 تسارعت عملية السيطرة، وذلك من خلال الخصخصة، فعلى سبيل المثال: إن الشركة التي تمتلك الخدمة الهاتفية الوطنية تابعة للحرس الثوري.

 

كما أنه ضمن أكبر مستثمر في سوق الأوراق المالية بطهران، بالإضافة إلى مساهماته تقريبًا في أغلب القطاعات من التصنيع والتعدين والملابس، وحتى التجارة الإلكترونية، لكن أيضًا هناك عدد قليل من الصناعات التي لا يشارك فيها الحرس الثوري، أو غير المعلوم أنه مساهم بها على وجه الدقة، مما يُصعّب معرفة كل القطاعات التي يسيطر عليها؛ لأنه يعمل بشكل سري في بعضها.

 

ويمكن القول بأن هذه الهيمنة التي تكاد تكون مطلقة، تؤثر بشكل مباشر  على مناخ الأعمال والاستثمار في البلاد، ففي عام 2015 وضع البنك الدولي الاقتصاد الإيراني في المرتبة الثلاثين بعد المائة من بين 189 دولة في سهولة أداء الأعمال، وهو تصنيف لا يتناسب على الإطلاق مع القوة الاقتصادية التي تمتلكها البلاد، كما أن هذه السياسة أضعفت قطاع الأعمال الخاص على مر السنين الماضية، وجعلته ينافس بصعوبة شديدة للبقاء.

 

 

الريال الإيراني

 

 تراجع "الريال الإيراني" الذي فقد كثيرا من قيمته ليرتفع سعر الدولار مقابل الريال الإيراني إلى أعلى مستوياته، حيث إن الدولار الواحد يساوي  34149 ريالا إيرانيا، مرتفعا بنسبة 6 في المائة منذ بداية العام 2017، بعد أن كان الدولار يساوي نحو 32347 ريالا.

 

 

لا شفافية

فريهاد شيرازي؛ الخبير الاقتصادي الإيراني، قال إن الأصوات تتعالى داخل إيران أن الضغوط المعيشية باتت تنال اليوم من كرامة الرجل والمرأة الإيرانيين على حد سواء".

 

وأضاف في تصريحات صحفية، أن "الوضع الاقتصادي بلغ من التدهور الحد الذي لم يعد فيه بعض كبار رجال الدين قادرين على إنكاره، وبالطبع يحمّلون المسؤولية لآخرين، لكنهم لا يخفون إدراكهم أن المعطيات الاقتصادية التي تعلنها الحكومة غير واقعية في أفضل تقدير".

 

وأشار إلى أن "الرقم الرسمي المعلن للتضخم 10 في المائة تقريبا، بينما الرقم الواقعي لا يقل عن 38 في المائة وفي بعض السلع الحيوية يبلغ 44 في المائة".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى