إن فضل الحج والعمرة هو فضلٌ عظيم، وهذا ما أكدت عليه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.
فقد قال تعالى في الآية 97 من سورة آل عمران: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ".
كما أنه تعالى قال في الآية 196 من سورة البقرة "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ.."
وعن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العُمرةُ إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحجُ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
ما هو الحج والعمرة؟
إن الحج ركن أساسي من أركان الدين الإسلامي الحنيف، وقد فرضه الله تعالى على كل مسلم استطاع إليه سبيلاً.
أما العمرة تكون بزيارة بيت الله الحرام والطواف بالبيت، والقيام بباقي الشروط المطلوبة، وهي ليست فرض وإنما من السنن المؤكدة التي يمكن للإنسان تأديتها مرة واحدة أو أكثر في حياته، وذلك وفقاً لما يمتلكه من قدرات صحية ومالية.
وما زال الناس يحجون إلى بيت الله الحرام، وذلك منذ أن رفع النبي ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام قواعد البيت الذي أمر الله تعالى عباده بالحج إليه حتى قيام الساعة.
فضل الحج والعمرة:
إن فضل الحج والعمرة يصعب أن يحصى، ففضائل الحج والعمرة كثيرة ومتنوعة ومنها ما يخص الحج حصراً، ومنها ما يخص العمرة حصراً، ومنها ما يخص كليهما، ومن أهم هذه الفضائل نذكر ما يلي:
· التقرب من الله تعالى:
إن الحج والعمرة من أهم العبادات والأعمال التي يمكن للعبد من خلالها التقرب إلى الله تعالى، فمن يؤديها بصدق وإخلاص وبر ولا يخالطها إثم ستقبل منه وتهدم ما قبلها وتكون سبباً لغفران الذنوب.
فعن رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما سئل ما هو أفضل عمل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: "ثم ماذا؟" قال: "حج مبرور". (رواه مسلم، والبخاري، وأحمد، والنسائي، والترمذي).
· الحج المبرور ثوابه الجنة:
إن فضل الحج والعمرة عندما يقبل له ثواب عظيم، وإن كان فضل الحج دون أدنى شك أكبر فهو فريضة على كل مستطيع، وثواب الحج المبرور هو الجنة كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". (متفق عليه).
· المتابعة بين الحج والعمرة تنفي الفقر:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ". (رواه الترمذي عن ابن مسعود).
ما من عمل يخلصه العبد لله دون أن تشوبه شائبة إلا كان له عند الله أجراً عظيماً، وهنا يؤكد لنا رسولنا الأكرم إلى أهمية المتابعة بين الحج والعمرة، لما له من أجر كبير، فبالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً من فضل الحج والعمرة فإنه ينفي الفقر عن العبد.
· الحج يعدل الجهاد في سبيل الله لمن لا يُكلّف بالجهاد أو لا يقدر عليه:
عن رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما قالت عائشة: يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد! قال صلى الله عليه وسلم: "عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة فجهادكن الحج والعمرة، فإذا تيسر لك الحج أو العمرة ووافق زوجك على ذلك فهذا من الجهاد في حقكن وعليك الجهاد بالمال إذا كان عندك مال تساعديهم بالمال حسب الطاقة فيكون لك أجر الجهاد بالمال تسلمي من المال ما تستطيعين للجهات التي تقبض المال للمجاهدين ويكون لك نصيب المجاهدين وأجر المجاهدين بالمال".
وبالتالي فإن فضل الحج والعمرة للمرأة بعد أن تحصل على إذن زوجها هو ثواب من يجاهد بنفسه في سبيل الله، وهذا الأمر يشمل من لديه عذر شرعي عن الجهاد بالنفس، وهنا لا يبقى على المكلّف إلا الجهاد بالمال لمن يمتلك القدرة على ذلك.
· إكرام الله تعالى لضيوفه:
إن الحجاج والعمّار الذين تقبل أعمالهم ولا يخالطها إثم هم في ضيافة الله تعالى، ومن نعمه عليهم إكرامهم وإجابتهم فيما يسألونه، وهو ما يظهر في قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: “الحجاج والعمَّار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم”.
كما أنه عليه الصلاة والسلام قال: “ما ترفع إبل الحاج رجلاً ولا تضع يداً إلا كتب الله تعالى له بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفعه بها درجة".
· العمرة في رمضان تعادل حجة:
كما أن العمرة هي كفارة للخطايا والذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما من الذنوب والخطايا”.
فإن القيام بها في شهر رمضان المبارك يعادل حجة وهو ما يظهر في روايةٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما فقد قال: "لَمَّا رَجَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟، قالَتْ: أبو فُلَانٍ (تَعْنِي زَوْجَهَا)، كانَ له نَاضِحَانِ حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا، قالَ: فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي".
وبعد أن تعرفنا على فضل الحج والعمرة، نجد أننا أمام عبادتان عظيمتان يتيحان لنا فرص ثمينة خسر من أضاعها، وربح من اغتنمها وقبلت منه.