#المصري اليوم - مال - ممثل المجموعة العربية فى صندوق النقد: تغيرات كبرى فى موازين القوى العالمية بعد «كورونا» (حوار) موجز نيوز

ممثل المجموعة العربية فى صندوق النقد: تغيرات كبرى فى موازين القوى العالمية بعد «كورونا» (حوار)

اشترك لتصلك أخبار الاقتصاد

تحدث الدكتور محمود محيى الدين، أستاذ الاقتصاد، وممثل المجموعة العربية فى صندوق النقد الدولى، عن العديد من المشكلات التى تواجه العالم والإقليم العربى، وعلى رأسها تأثيرات الجائحة وموجة الديون المقبلة والتنافس الرهيب فى مجال البنية التحتية المتطورة والتكنولوجيا، وانعكاس الاستقطاب الدولى الحاد على منطقتنا.

وأشار «محيى الدين» فى حواره لـ«المصرى اليوم» إلى فرصة مصر وسط هذا الخضم، موضحا أن ضبط المالية ودفع النمو وزيادة الدخل وتوطين التنمية محليا، وتطوير التعليم والصحة ورعاية البيئة والمناخ هى مفاتيح عمل نقلة نوعية جبارة فى مصر.. وإلى نص الحوار:

محيى الدين مع كرستين لاجارد

■ بداية مع تولى «بايدن» رئاسة أمريكا.. ما مدى انعكاس تغير الرؤساء الأمريكيين على عمل المنظمات متعددة الأطراف، ومنها البنك وصندوق النقد الدوليان؟

- لقد وثق رجل دولة أمريكى مخضرم هو روبرت زوليك، الذى ترأس فى فترة البنك الدولى، وعمل ممثلا تجاريا لبلاده، ومساعدا لأهم وزير مالية أمريكى فى العصر الراهن وهو جيمس بيكر- كان وزيرا للخارجية كذلك- وثق القواعد الأساسية فى السياسة الخارجية لأمريكا وأولوياتها وتغيرها بحدود وضوابط معينة بتغيرات الإدارات، فيما يتعلق بالعلاقات مع المؤسسات المالية والمنظمات الحكومية متعددة الأطراف، التى نشأت بعد 1945 مثل الأمم المتحدة والبنك وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية، ومن المفهوم أن ما قامت به إدارة ترامب حيال تلك المنظمات كان استثناء غريبًا عن هذا النهج.

■ ماذا فعل بايدن فى ضوء السياسات الأساسية تلك؟

- واقعيا فإن الرئيس الجديد ترجم الاهتمام مرة أخرى ومبكرًا بتلك المنظمات بالعودة لاتفاق باريس للمناخ، والعودة إلى مساندة ودعم عمل منظمة الصحة العالمية، وإعادة تعيين مندوب أمريكا بالأمم المتحدة عضوا فى الفريق الوزارى الأمريكى، بعد أن كان قد تم تخفيض رتبته. وطبعا يترتب على ذلك تكاليف ومبادرات، فالموضوع ليس كلاما جميلا فقط، مثل مساندة آلية كوفاكس التى تديرها منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاحات للدول الأقل دخلًا وتقليل عجزها وتكثيف التعاون الدولى لتطوير اللقاحات، وشخصيا أتطلع إلى أن تستجيب أمريكا إلى ما طالبت به الدول النامية، ومنها الهند وجنوب إفريقيا اللتان تقدمتا باقتراح لتخفيف قيود الملكية الفكرية فيما يخص اللقاحات والأدوية والاحتياجات الطبية اللازمة لمواجهة وباء أو أزمة صحية كبرى، جنبا إلى جنب مع حفظ حقوق الباحثين والمبتكرين، وأتطلع إلى عمل أمريكى إيجابى من أجل تفعيل نشاط منظمة التجارة العالمية.

■ ماذا عن دور أمريكا فيما يخص النظام المالى والنقدى العالمى ونحن نرى جفافا مخيفا فى السيولة؟

- هناك توقعات بأن تقدم الإدارة الأمريكية ما يلزم لزيادة السيولة النقدية وتوفيرها فى شكل الموافقة فى زيادة حقوق السحب الخاصة بقيمة 500 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن النظام النقدى بحاجة لما يقدر بحوالى 2 تريليون دولار، وبما يمكن المنظومة الدولية من القيام بدورها فى إتاحة التمويل اللازم وفى الوقت المناسب للدول ذات الاحتياج.

وأنوه إلى أن زيادة وحدات حقوق السحب الخاصة حدثت من قبل أكثر من مرة، ولن تكون بدعة، ويمكن أيضا لأمريكا وغيرها من الدول القريبة منها تخفيف متاعب دول نامية وتيسير حياة مواطنيها، لن تكلف إلا القليل جدًا من تفعيل الإجراءات المتعارف عليها وعلى رأسها منع تدفقات الأموال غير المشروعة من الدول النامية والفقيرة إلى الدول المتقدمة والتى تزيد بالمجمل على كل ما يتم تقديمه من مساعدات ومعونات وتمويل ميسر لتلك الدول بل استثمارية خارجية أيضا.

■ هناك معركة داخل الاتحاد الأوروبى حول توفير اللقاح وبين الاتحاد وبريطانيا فكيف يؤثر ذلك علينا؟

- حصل فى الفترة السابقة على ظهور اللقاح وتطويره أن قامت دول بحجز كميات أكبر بكثير جدا من احتياجاتها من اللقاحات، وهى سلعة لها ثمن صحيح، ولكنها أيضا ضرورة وخدمة عامة حيوية، وكما نوه الأمين العام للأمم المتحدة فإن توزيع اللقاحات بشكل عادل، هو فى مصلحة الجميع، ففى محنة مثل كورونا يتحتم أن تطمئن إلى أن أخيك الإنسان بخير لتكون أنت بخير، وإلا فسوف يتحور الفيروس ويزيد انتشاره وتتضاعف الكارثة على الجميع.

■ ما أكثر المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التى تقلقك دوليا؟

- فى الأجل القصير، الوباء ووجوب منع انتشاره والسيطرة عليه ولا تزال المعركة ممتدة على هذا الصعيد بكل ما يرتبط به، ومن جانب آخر لا بد من الدعوة بشدة إلى العمل على منع حدوث أزمة مديونية عالمية كبرى، خاصة أن أزمة الديون تثقل كاهل عدد كبير من الدول النامية وذات الأسواق الناشئة من قبل كورونا وتفاقم الوضع بعدها.

وثمة تحذير من موجة رابعة لزيادة الديون، الأولى كانت مع أمريكا اللاتينية، والثانية بدأت 1997 فيما عرف بأزمة آسيا، والثالثة فى أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية 2008، والموجة الرابعة الآن، ولا يجب أن تنتهى بأزمة إذا تحقق التعاون الدولى بشكل فعال، وتوجد دول كثيرة يزيد معدل نمو الدين فيها على معدل نمو الناتج، وهى تعانى عجزا فى الحصول على التمويل، وستكون المشكلة أكبر لو تغير سعر الصرف وتغيرت أسعار الفوائد بما يزيد عبء الديون.

■ كيف تدعو إلى زيادة السيولة العالمية وتحذر فى نفس الوقت من أزمة ديون عالمية؟

- السيولة التى أدعو إلى ضخها يفترض أنه سيتم استخدامها فى تقديم تمويل بفائدة شديدة الانخفاض تصل للصفر للدول الأقل دخلًا التى تحتاج للعون، وبالتالى تستطيع أن تسدد دينا قديما عالى التكلفة من التمويل الجديد وتقلل أقساط السداد، إن أى موجة ديون عالمية لا تقود بالضرورة لانفجار كارثى شريطة استخدام الأدوات المناسبة للتعامل معها وفى التوقيت السليم، وضخ سيولة وتقديمها بفائدة مخفضة جدا هو أهم الآليات حاليا مع أهمية دفع معدلات النمو الاقتصادى ومصادر النقد الأجنبى.

وأؤكد على أهمية ما قامت به مجموعة العشرين من تعليق أو إرجاء، سداد ديون الدول الأكثر فقرا، لكن ذلك مسكنات وما نحتاجه هو تخفيف عبء الدين نفسه وإعادة هيكلة تلك الديون بآلية جديدة، وأنبه إلى أنه لا يوجد حتى الآن إطار دولى قانونى يحكم إعادة هيكلة الدين وتسوية القروض الدولية، ونحتاج إقامة بناء مالى جديد متوازن ومتكافئ وعادل يضمن حقوق الدائن والمدين، ولنلاحظ أن من بين الدائنين مثلا صناديق تقاعد ومعاشات، يعنى لا يجوز الجور عليها وإلا تضرر عشرات الملايين من البشر، وهناك أيضا المستثمرون من حملة السندات، لذا العدل مهم جدا لحماية مصالح كل الأطراف.

■ هل المناخ الدولى الاستقطابى الراهن يسمح بكل ما دعوت إليه؟

- كما قيل قبل أزمة كورونا فإن المناخ العالمى هش اقتصاديا والثقة فيه ضعيفة سياسيا، وهو يسير فى اتجاه استقطابى كما قال جوتيريش بين عالم شرق وعالم غرب، لكل منهما تجارته وشبكاته للإنترنت ونظامه المالى، وهذا النوع من الاستقطاب قد يؤدى إلى صراعات ومشاكل ضخمة ويقود إلى حلقة مفرغة سوداء، لكن علينا ألا نتركه يمضى فى استقطابه ذاك.

■ وما أكثر مؤشر اقتصادى يتطلب عنايتنا فى مصر؟

- الفريق الاقتصادى المصرى يتابع المؤشرات، وكل ما أود قوله هو على النطاق الأوسع ألا وهو التنمية ووجوب مضاعفة الجهود على هذا الطريق، ويجب أن ندرك أن التنمية عمل تراكمى.

وذهب تقرير أعده مايك سبنس، الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد، إلى أن أهم نقلة نوعية بأن تحقق الدولة نموا شاملا مطردا بما لا يقل عن 7% سنويا كمتوسط على مدار 25 سنة. النماذج فى الصين وكوريا وسنغافورة ومن قبلها تاريخيا اليابان تؤكد ذلك، لكن مصر حققت معدلات نمو أعلى من معدل نمو السكان لفترة تصل فى مجموعها إلى 20 عاما من أول الانفتاح 1974 حتى الآن.

■ لكن النقلة لم تحدث بعد فما السبب؟

- جيد أننا أدركنا أن جهود الإصلاح السابقة لم تكتمل بما تسبب فى الكثير من الفرص الضائعة هذا أولا، من ناحية أخرى فإن التراكم المحقق للتقدم لا بد أن يكون شاملا قطاعيا وجغرافيا، ويجمع إلى ما هو اقتصادى ما هو توزيعى واجتماعى، من أجل ذلك فإن مشروع مثل تنمية 1500 قرية هو مشروع قومى بكل المعايير، ومهم للغاية، فهو سيخدم نحو 58 مليون إنسان فى مصر، ولكن أيضا لأنه ينطلق من المفهوم المتعلق بتوطين التنمية، وليؤتى ذلك ثماره يجب أن نرفض الاكتفاء بالحد الأدنى حين نقيم البنية التحتية فى تلك القرى، حيث يجب أن تكون على أعلى مستوى كما أكدت القيادة السياسية، فتكون سرعة الإنترنت بها فائقة، ويعمل 24 ساعة بلا انقطاع فهذا هو مجال العمل الجديد.

فالأعمال والبيع والشراء فى العصر الرقمى أصبحت مستمرة طوال الوقت فى زمننا، ولم تعد التجارة مرتبطة بسوق الاثنين أو الخميس أو غيره كما كانت منذ زمن فى القرى فى ظل السوق والتجارة الإلكترونية الراهن، وإذا كان لدينا كورنيش النيل وكورنيش الإسكندرية يجب أن يكون هناك كورنيش وممشى متميز فى سوهاج وكورنيش على الرياح التوفيقى وهكذا، لا بد من نقلة نوعية فى الخدمات مثل التعليم والصحة وتحسين البيئة.

وخلال ذلك كله نراعى تفعيل الشمول المالى وزيادة فرص المرأة فى العمل، وأن يحفز الاستثمار العام الاستثمار الخاص فى تلك القرى، فكل جنيه من الاستثمار العام من الممكن أن يحرك 10 من الخاص لو أقمنا النموذج التنموى العصرى المتكامل، وهناك المزايا الأخرى التى سنجنيها منه كمنع الهجرة العشوائية ومكافحة الفقر وزيادة فرص متوسطى الدخل، هذا ما يجب أن نضع أعيننا عليه.

■ كيف رأيت الصراع بين «أيلون ماسك» و«أمازون» حول الهيمنة على إنترنت الفضاء للمناطق النائية؟

- يقول علم الاقتصاد إن الندرة ترفع القيمة، لكن الأمر فى البيانات العكس أى كلما زادت حجما زادت قيمتها، وهذا يفسر حرص كل طرف من شركات التكنولوجيا العملاقة على السيطرة على بيانات أكبر عدد من البشر على كوكب الأرض، وعليه فالمنافسة بين «ماسك» و«أمازون» على المسارات والمدارات الفصائية التى تدور فيها الأقمار التى ستزود الناس بالإنترنت، مفهوم، مع إضافة أن من سيكون له السبق، والاستحواذ الواسع، هو من سيقدم خدمات تسهم فى تحقيق الشمول المالى ويجعل البنك فى جيب أى شخص.

ومصر بصفة عامة فيها تركز سكانى حول النيل فى الوادى والدلتا، لكنها ستحتاج يقينا مثل تلك الخدمات، وبصفة عامة مصر أكثر من 100 مليون نسمة، ولذا يخطب ودها الكثير من الشركات العالمية فى مجال التكنولوجيا وغيرها، لذلك فمفتاح تحقيق النقلة النوعية فى ريف مصر ومدنها ومناطقها النائية هو زيادة الطبقة الوسطى بتخفيض نسبة من يعانون من الفقر بشكل مصر حتى يصل إلى الصفر وفقا لأهداف التنمية المستدامة.

■ هناك من يدعو إلى الاستقلال الإلكترونى حتى لا يتحكم آخرون فى مصائرنا؟

- هذا الأمر يشهد تطورات مثيرة، حيث أطلق الاتحاد الأوروبى فى 2018 الإطار العام لحماية البيانات وتنظيم استغلالها وحفظ حقوق مستخدميها، وجاء ذلك بعد أن أدرك الأوروبيون ما تمثله الهيمنة على البيانات من مخاطر جسيمة على المجتمع والسياسة وأمور أخرى، ولا ننسى واقعة «كامبردج أناليتكا»، وتلاعبات الانتخابات، ومن المهم أن يكون لدينا سياسة وطنية وإقليمية محددة فى عالم التكنولوجيا الرقمية هذا.

■ أين سنكون فى تقديرك فى عالم كهذا؟

- مع الجيل الخامس «جى 5» والقفزة فى الذكاء الاصطناعى والتحكم عن بعد وإنترنت الأشياء، تجاوز الأمر موضوع التأثير على الفرد وأصبح ممكنا التأثير على «عضم» الدولة ذاتها، من هنا سيعاد النظر فى المسميات القديمة مثل الدول السبع الصناعية، فالعالم سيتم تصنيفه إلى مجموعات من الدول حسب نمو وتطور التكنولوجيا ومنظومة الابتكار والإبداع لديها، ومهم جدا لبلدنا أن يتطلع إلى مرتبة عالية فى هذا السباق العالمى.

■ بالمناسبة لماذا لا تعيد مؤسسات مثل البنك الدولى والصندوق النظر للمسميات التى تطلقها مثل «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» بدلا من المنطقة العربية أو منطقة كذا المتقاربة؟.

- أوافق تماما على ذلك، فلا بد من تقسيمات متسقة، خاصة أن التقسيمات القائمة ليس لها ذات المعنى فى المؤسسات متعددة الأطراف نفسها، وأنا عندما أتحدث فدائما حديثى عن الإقليم الاقتصادى العربى، ويصدر عنه التقرير الاقتصادى العربى الموحد، ولديه صندوق عربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، وصندوق نقد عربى، وبغض النظر عن التقسيمات الإدارية الموجودة فى أى جهة دولية، فإن على الإقليم العربى أن يقدم نفسه للعالم ككيان اقتصادى متعاون، فهناك الروابط اللغوية والدينية والجغرافية والتاريخية والحضارية تجعله كذلك، لكن من جهة أخرى، فالتجارة البينية العربية نحو 12٪ من إجمالى تجارته مع العالم. والاستثمارات البينية ضعيفة جدا، وحركة الأفراد تواجه تعقيدات إدارية وسياسية، ومستوى التعاون فى تقدم المعارف والتكنولوجيا والبحوث المشتركة وثقافة الإنتاج، كل ذلك لا يعين على وجود إقليم اقتصادى عربى واحد، ويجب عمل نقلة كبرى لتغيير الواقع قبل تغيير الانطباع، خاصة فى ظل إعادة تشكيل مسارات العولمة تجارة واستثمار، وكما رأينا فقد حفزت كورونا الاتحاد الأوروبى ونشطت مؤسساته، وأملنا أن نستمد كعرب الدافع من أجواء كورونا والاستقطاب العالمى وغيرها ما يحفزنا على تعضيد روابطنا وتعاوننا الاقتصادى.

■ وما هو العائق أمام ذلك بتقديرك؟

- مثقف آسيوى كبير قال لى إن تجمع الآسيان تقدم لأن طموحاته بدأت متواضعة، وقبل أن أبدى الدهشة قال ولكننا نحققها ونراكم عليها، لكن أنتم مثلا إذا اجتمعتم وكنتم متفقين على 4 نقاط من 5، ومختلفين حول واحدة تضيعون الخمسة، أما نحن إذا كنا متفقين على واحدة ومختلفين حول 4 نعض بالنواجذ على نقطة الاتفاق وننفذها وهكذا.

فى المحصلة الحل فى أن يتحلى صناع القرار بأعلى درجة من المرونة فى استخدام الوسائل، مع الحفاظ على الأهداف والغايات لتحقيق التقدم المنشود.

■ ما أهم الأهداف التى يجب التمسك بها؟

- يكفى أن تكون أهدافنا هى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وهى 17، قبل نهاية هذا العقد الثالث من هذا القرن ولكن ألخصها فى القضاء على الفقر وتحقيق العدالة بأبعادها والارتقاء بالتعليم والصحة وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وحوكمة الدولة مع حماية المناخ والبيئة.

■ أعطنا مثلا عمليا على المرونة أو البراجماتية المبدئية كقولك وأثرها؟

- الصين أنجزت هدف القضاء على الفقر المدقع فى 2020 وقبل الموعد بـ10 سنوات، بانكى مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، قال لى إن كوريا الجنوبية لم تكن فى وقت من الأوقات تستطيع الحصول على قرض ميسر، وكانت الدول الغنية تفضل أن تعطيها مساعدة أو معونات غذائية بدلا من مخاطر إقراضها، وكان يتم نصحها دائما بألا تفكر فى صناعة أو استثمار أو تصدير، فأين وصلت الآن، بل أين وصلت آسيا كلها تقريبا، إنها المرونة والتركيز على الأهداف.

■ وهل يقدم الصندوق مثل هذا النصح للدول؟

- انتهت مرحلة الثمانينات والتسعينات والتى كان ما يسمى بتوافق واشنطن يحكم فيها نهج البنك وصندوق النقد، الآن الصندوق يقول من لديه طريق لتحقيق التوازن المالى الجيد والاستقرار الاقتصادى والنمو المستدام فليخبرنى به وسأعمل عليه معه، أكبر دليل أيضا على مرونة الصندوق هو إعلانه موقفا واضحا ومؤيدا للتوسع فى الاستثمارات العامة المحسوبة، وهو الذى اعتاد أن يطالب بفسح المجال أكثر أمام القطاع الخاص، إدراكًا منه لأهمية دور الدولة فى النشاط الاقتصادى ومجال الرعاية الصحية فى زمن الوباء، بل يدعو الصندوق الدول المتقدمة والأسواق الناشئة إلى ضخ مزيد من الاستثمارات العامة فى البنية التحتية الجيدة والإنترنت فائق السرعة ودعم ريادة الأعمال، دون مزاحمة القطاع الخاص لأن المزاحمة تجعلنا نخسر مرتين.

■ كيف تنظر إلى جهود دول الخليج لتنويع اقتصاداتها وهل للصندوق دور معها؟

- محاولات التنويع فى دول الخليج سابقة على انتشار وباء كورونا وقد رأينا كيف أقيمت صناديق استثمارية كبيرة، ووزارات للتكنولوجيا والذكاء الصناعى، وحث الجهود ليكون من بينهم من هو مركز عالمى للطاقة الجديدة والمتجددة مع إنتاجه للبترول، وكأنه يقول للعالم إنك جئتنى من أجل النفط قديما وها أنا أدعوك فأنا مركز الطاقة المقبلة والنظيفة، وتبذل جهود فى مجالات التعليم والتطوير، وكل ذلك استثمار فى المستقبل لم يقدم كل ثماره بعد، لكن من المهم الاستمرار وإعادة هيكلة الأنشطة الاقتصادية وكذا سوق العمل للتعامل مع الوظائف التى ستختفى مع تسارع الرقمنة وتلك التى ستستجد.

■ وما شكل العالم الذى سيتخلق؟

- أعتقد أننا أمام 10 سنوات حاسمة مقبلة، وتغيرات كبرى فى موازين ومواقع الدول، بعد أزمة 2008 وضح تماما الصعود الآسيوى، وبعد أزمة كوفيد، سنرى أيضا صاعدين وهابطين، وهذا شأن كل أزمة كبيرة أو حرب عظمى، فكل منهما يليه تحولات كبرى، وتتصاعد أدوار اقتصادية لدول على الساحة نتطلع لأن يكون من بينهم دول عربية.

وأمام مصر مجال واسع عليها أن تستغله ففيها الموقع والبشر والتنوع الاقتصادى، وأعداد غفيرة من المؤهلين وهمة أصحاب المشروعات، المهم أن تدفع الدولة التنافس والتقدم.

■ تم الإعلان مؤخرا عن أن أغنى 3 فى العالم زادت ثروتهم من 214 مليار دولار إلى 497 مليارا فى أقل من عام.. بم تعلق على ذلك؟

- هذا متوقع أولا لأن شركات الثلاثة لم يدخلوا فى الإغلاق والتوقف، ويعملون فى مجال تكنولوجيا المعلومات، التى زاد الطلب على منتجاتها فى ظل التباعد الاجتماعى والإغلاقات والتعليم عن بعد وطلب السلع والخدمات عبر التطبيقات، هم بدورهم زادوا الإنفاق على البحث والتطوير، والمهم أن يعملوا فى إطار تنظيمى وضريبى وتنافسى منضبط، لكن لا يمكن أن نغفل أنه بالمقارنة زاد من يعانون من الفقر المدقع فى نفس الوقت تقريبا، بأكثر من 110 ملايين فرد، والزيادة فى ذاتها تحدث لاول مرة منذ 1998، حيث كان هذا الفقر فى تراجع باستمرار، وزاد من يعانون الجوع بنحو 220 مليون نسمة، وفقد 250 مليون عامل وموظف وظائفهم فى القطاع الرسمى، وأكثر منهم بكثير فى غير الر سمى، من اللافت أن الكثير من الأموال التى تم ضخها لمجابهة الركود الناتج عن كورونا ذهبت بشكل غير مباشر إلى الشركات الكبيرة وإلى أصحابها بالاستثمار فى أسهمها.

■ قالت أونكتاد إن الصين احتلت المرتبة الأولى فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر فى 2020 متفوقة بذلك على أمريكا التى احتلت القمة لعقود ما مغزى ذلك؟

- الصين هى على أى حال الاقتصاد الثانى عالميا بعد أمريكا، والأولى فى حجم التجارة الخارجية، ومعدل نموها فى أى سنة مؤخرًا أعلى من أمريكا، وهى تقترب من القمة الاقتصادية العالمية بأسرع من المتوقع، ولكن ما زال متوسط الدخول فيها أقل من أمريكا بكثير وتلك قصة أخرى، المهم هو قدرتها على مواصلة السير على ذات الطريق وإبداء المرونة المطلوبة لمواجهة كل موقف أو تحد جديد ينشأ عن مكانتها الجديدة، أنا لا أتحدث عن حتمية صعود طرف وهبوط آخر، لكن أقول فعلا لكل مجتهد نصيب، فالصين قامت بجهود جبارة على مدار 40 سنة عمرانية وتكنولوجية وزراعية وصناعية وخدمية واجتماعية وفى بناء رأس المال البشرى، ولذلك باتت أبعد جدًا عن أن تقع فى خطيئة الاتحاد السوفيتى الذى اهتم ببناء قوة عسكرية نووية فضائية فقط، فسقط.

■ مرة أخرى تعود «بيتكوين» لتفرض نفسها على أى حوار ما ألذى يعنيه أن تزيد قيمتها على 40 ألف دولار، وهى التى بدأت بدولار واحد منذ 10 سنوات؟

- «بيتكوين» أصول مشفرة وليست عملة، العملة لها قوة إبراء غير محدودة فى وطنها، ولها راع أو جهة إصدار وتنظيم، وعليها طلب مستمر ومنطقى، ولها عائد إذا ما أودعت، والذى جعل البيتكوين تقفز تلك القفزات حتى رغم قيام بعض الدول بتجريم تعدينها لما يسببه من اضطرابات فى شبكات الكهرباء والإنترنت ولأنها شدت بعض المواطنين إلى مضاربات عبثية، ولا ننسى أن قفزة بيتكوين أيضا وراءها ضعف العائد على العملات الرئيسية فى البنوك، وتراجع الاقتصاد واتجاه أموال من التى ضختها البنوك المركزية لإنعاش الاقتصادات إلى المضاربات، كل ذلك شجع على اللجوء إلى مضاربات على الذهب والفضة وعلى الأصول المشفرة القائمة مثل بيتكوين.

هناك اتجاه من قبل بعض البنوك المركزية لإصدار عملاتها مشفرة، ولكن هذا أمر آخر يمكن فهمه فى إطار مستقبل السياسة النقدية والاستقرار النقدى فى ظل العملات السيادية المشفرة ذات قوة الإبراء القانونى، وهناك مناقشات جادة من قبل بنك التسويات الدولية وغيره فى هذا الشأن، ويجب التفرقة بينها وما يسمى بالأصول المشفرة.

الوضع في مصر

اصابات

169,640

تعافي

132,375

وفيات

9,651

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر المصري اليوم وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى