بدأت بذاتي وأصبحت نباتي!

بدأت بذاتي وأصبحت نباتي!
بدأت بذاتي وأصبحت نباتي!

بدأت بذاتي وأصبحت نباتي!

قَبْل أَيَّام، نَشَرَت الصُّحف المَحليَّة خَبراً طَريفاً يَقول: (السّعوديَّة فِي المَرتبَة الـ (12)؛ استِهلَاكاً للّحوم).. لَن أُمَارس -كَمَا يُقال دَائِماً- جَلْد الذَّات وأَقول: لَيتنَا نُحقِّق مِثل هَذا المَركَز فِي البَحْث العِلْمِي، أَو فِي المَجَالَات الفِكريَّة أَو الرِّيَاضيَّة، ولَكنِّي سأَقول: إنَّني بَدَأْتُ بنَفسي، وأَعلَنتُ -مُنذ مَطلع العَام المِيلَادي الجَديد- انضَمَامي إلَى قَبيلة النَّبَاتيِّين، ولَا أُخفيكم أَنَّني سَعدتُ -كَثيراً- بانضِمَامي لهَذه القَبيلَة، لأنَّني بَدَأتُ بالإصلَاح بنَفسي، وكَان مِن مَزَايَا هَذا التَّحوُّل الخَطير، فَوائِد كَثيرَة، أَوّلها: أَنَّني تَجنَّبتُ الصِّرَاعَات الحيَوانيَّة المُستمرَّة، التي تَتمثَّل فِي جنُون البَقر، وحُمَّى الخرُوف المُتصدِّع، وانفلوَنزَا الطّيور، وانفلوَنزَا الخَنَازير، وبَواسير السَّمك، فكُلّ هَذه الأَمرَاض لَم تَعُد تَعنيني، لأنَّها بَعيدَة عَن مَعدَتي..!

ثَانياً: عِندَمَا تَحوَّلتُ إلَى النَّبَات، قَلَّت مَصَاريفي، لأنَّكم تَعرفون أَنَّ السَّمك غَالي الثَّمَن، والحَمَام مِثله فِي الغَلَاء، ولَحم الحَاشي لَا يَتوفَّر إلَّا بصعُوبَة، لِذَلك زَادَت مِيزَانيّتي، وقَلَّت مَصَاريفي..!

ثَالثاً: أَقرَأ أَحيَاناً بَعض الأَخبَار فِي الصُّحف تَقول: إنَّ هَذا المَطعَم أَو ذَاك، يُقدِّم لَحمَ حَمير، أَو لَحمَ قِطَط، أَو دَجَاجاً فَاسِداً، ولَكنَّني بَعد أَنْ صِرتُ نَبَاتيًّا، أَصبَحتُ لَا تَعنِيني مِثل هَذه الأخبَار..!

رَابِعاً: بصِفتي مُحَافِظاً عَلَى الصَّلَاة والوضُوء، لَم أَعُد أُركِّز -كَثيراً- عَلى نُوع اللَّحم الذي آكله، خَاصَّةً فِي القَصيم، وأَعنِي بِهِ لَحم الإبل، الذي يَرَى أَكثَر الفُقهَاء؛ وجُوب الوضُوء بَعد أَكله..!

خَامِساً: إذَا رِكبتُ الطَّائِرَة أَصبَحتُ مُميَّزاً، لأنَّ أَصحَاب الضِّيَافَة الجَويَّة يَسأَلونَني: هَل أَنتَ نَبَاتِي؟، أَقول لَهم: نَعم، فيُقدِّمون الوَجبَة قَبْل النَّاس، وبصِفةٍ خَاصَّة..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ النَّبَاتيَّة أَغلقت عَلَيَّ بَاباً كَبيراً، كَان أَصحَاب الهِيَاط يُحبّون أَنْ يَفتَحوه، وأَعنِي بِهِ؛ أَنَّ بَعضهم كَان يَتفَاخَر ويَقول: جَاءَني «أحمد» اليَوم، وذَبَحتُ لَه خَروفاً.. لأنَّ هَذَا الهِيَاط غَير مَقبول، ولَا يُصدِّقه أَحَد، لأنَّ المَذكور أَو المَعزُوم؛ لَم يَعُد يَأكل لَا المَندِي المُنتَظَر، ولَا التِّيس المُعتَبَر..!!.

*نقلاً عن "المدينة"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى