نفطنا الذي لا ينضب

نفطنا الذي لا ينضب
نفطنا الذي لا ينضب

نفطنا الذي لا ينضب

أجمل ما حملته أخبار ميزانية 2018 تقليل الاعتماد على النفط في تمويل الميزانية بما مقداره 50%. وهذا ما كان، قبل ثلاث سنوات فقط، في حكم المستحيل، أو على الأقل في حكم الأمر غير المتوقع. إدمان النفط في مداخيلنا أدى إلى (إيمان اقتصادي) راسخ بأنه لا بديل عنه ولا حل غير مزيد من إنتاجه ومزيد من ارتفاع أسعاره، لكن ها نحن نجد الحلول بمجرد أن فتشنا عن إمكانات البلد الأخرى واستثمرنا هذه الإمكانات بطرق محترفة ومجربة في عدد من الدول. ومع ذلك يبقى هناك (نفط) آخر ما زال قابلاً للاستثمار وقابلاً للمراهنة عليه في مستقبل المملكة.

هذا النفط الآخر هو العنصر البشري الوطني الذي لم يستثمر إلى الآن بالصورة الحقيقية المطلوبة؛ ومعلوم أن كثيراً من دول العالم، وبالذات دول النمور الآسيوية، لا تملك ثروة طبيعية مثلما نملك ولا قدرات مالية واستثمارية مثل ما تملك أوروبا أو أمريكا. كل ما تملكه هذه الدول هو مواطنها الذي تعلم جيداً وتأهل على أعلى مستوى وأصبح، نتيجة لعنصري التعليم والتأهيل، ثروة لا تنضب في تشغيل مكائنها الإبداعية والابتكارية وماكينتها الاقتصادية. المخزون البشري المبدع في هذه الدول هو رهانها الوحيد على تطور حاضرها ومستقبلها التكنولوجي والاقتصادي. وهو ما يصدق، أيضاً، على دول تنبهت قبل سنوات لأهمية استثمار ثرواتها البشرية فحققت تقدماً اقتصادياً كبيراً مثل الهند والبرازيل.

في المملكة، وحسب رؤية 2030، لدينا هذا التوجه الضروري لبناء قدرات السعوديين والسعوديات باعتبارهم (نفطنا) الذي لا ينضب مع تقادم السنوات. ولذلك من المهم أن نشدد على نوعية التعليم العام والتعليم الجامعي والتأهيل الذي يتطلبه عالم اليوم في الابتكارات والصناعات وتحقيق قيم بشرية مضافة تعزز من قوة اقتصادنا وتحولنا إلى مصدرين للتكنولوجيا والبضائع والخدمات. كل الثروات الطبيعية، مهما كان حجمها وثمنها، تنضب مع مرور الوقت إلا الثروة البشرية فهي الباقية؛ وهي التي أثبتت جدارتها وقيمتها التي لا تضاهي على الدوام، واسألوا عن ذلك بالذات اليابان وكوريا الجنوبية.

* نقلا عن "اليوم"

** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى