أنا سواريز (4) – حكاية ' يد الشيطان ' في مونديال 2010

أنا سواريز (4) – حكاية ' يد الشيطان ' في مونديال 2010
أنا سواريز (4) – حكاية ' يد الشيطان ' في مونديال 2010

أطلقت إحدى الصحف في جنوب أفريقيا على تلك الواقعة "يد الشيطان" ونشرت صورة لي بقرنين ولكن لا زلت أعتقد أن ما فعلته ليس سيئا للغاية. لم أسجل هدفا بيدي مثل مارادونا في مونديال 1986. تجنبت هدفا ودفعت الثمن.

يمرر ويصنع ويسجل الأهداف، هذا ليس كل شئ، فهو يصنع الحدث أيضا. إنه العضاض.. لويس سواريز.. المهاجم الأفضل في العالم كما يصنفه البعض، لديه من حكاياته أسرارا أخرى يرويها بنفسه.

في تلك السلسلة، سيستعرض لكم FilGoal.com أهم ما ورد بكتاب لويس سواريز الذي كتبه بنفسه.

--

الحكام:

يقول البعض إن حل الكثير من المشكلات ربما يكمن في تحول اللاعبين لحكام بعد انتهاء مسيرتهم ولكن هذا مستحيل: إذا ما كان هناك أحد يعرف أن عمل الحكام مستحيل فهم اللاعبون. العمل كحكم؟ لا شكرا!

على الحكام دائما التواجد في المكان الصحيح وتحمل السباب واتخاذ القرار الصائب وهم دائما تحت ضغط مستمر. إنه عمل صعب.

أتذكر أن مارك كلاتنبرج كان صامتا بعض الشيء في الشوط الثاني بمباراة. أنذرني في ذلك اللقاء وجاء بعدها بخمس دقائق وقال لي: "كانت بطاقة صفراء. لا يمكنك الاعتراض" وقلت له أن الحق معه. بعدها سجلت هدفا واقترب مني وقال "يا للروعة يا لويس". الحوار جيد وقليل من خفة الظل مع الحكام لا يضر أحدا.

الحكام مختلفون في إنجلترا. ينادونك باسمك وأحيانا يعترفون بأخطائهم. هذا يحدث في إنجلترا أكثر من أي مكان أخر. يقول لي أصدقائي في إسبانيا إن الأمر مختلف تماما. لا يمكنك الحديث مع الحكام.

في إنجلترا ربما يأتي الحكم قبل تسديد ركلة ثابتة ويسأل "من الذي سيسددها؟" تكون الاجابة: فلان، فيقول "لا تجعلوه يسددها، سيضعها في السماء"!

- مونديال 2010

حينما فازت أوروجواي على غانا بعد ركلات ترجيح درامية للوصول لنصف نهائي كأس العالم لأول مرة في تاريخها منذ 40 عاما، كنت أشاهد ما يحدث متوترا عبر التلفاز. كانت ضربات قلبي ربما ألف في الثانية.

كنت تعرضت للطرد عقب إنقاذي تسديدة من أمام الخط بيدي لأمنع إفريقيا لأول مرة من الوصول لنصف نهائي كأس العالم. ولكن ربما يجب العودة للبداية قبل الوصول لهذه النقطة.

لعبنا بشكل سيء للغاية في أول مباراة أمام فرنسا وتعادلنا سلبيا. وكنا نعتقد أننا سنذهب سريعا للمنزل.

فزنا لاحقا على جنوب إفريقيا بعدها بثلاثية نظيفة في بريتوريا وبعدها فكرنا "إذا ما كنا نستطيع الفوز واللعب بهذه الطريقة أمام أصحاب الأرض، من الذي نحن قادرون حقا على فعله لاحقا؟". بعدها فزنا على المكسيك بهدف نظيف. كان أول هدف أسجله في المونديال.

كانت مشاعري حتى الوصول لآخر مباراة لي في كأس العالم غريبة. كنت أعيش حلمي باللعب مع أوروجواي في المونديال ولكن زوجتي كانت حبلى بابنتي ديلفينا واقتربت من الوضع. كانت معي في البداية ولكنها رحلت للبقاء في برشلونة مع عائلاتها والأطباء.

في الطريق إلى مباراة غانا كانت هناك الكثير من الحكايات. زارنا السيديس جيجيا صاحب هدف الماراكانا الشهير في مونديال 1950. قص علينا كيف كانت المعسكرات في زمانه. كان الأمر أشبه بالتواجد في قاعدة عسكرية. لم يكن لديهم أي اتصال بالعالم الخارجي ولا يمكنهم الحديث مع عائلاتهم ويقيمون في غرف كبيرة مثل العنابر.

كنا أيضا نخوض بعض البطولات المصغرة في التدريبات في الركلات الثابتة أو ركلات الترجيح وكان الخاسر يصبح عبدا للفريق طيلة يوم بأكمله.

في إحدى المرات اضطررت لتقديم العشاء لباقي الفريق لأنني كنت الخاسر وأنا أرتدي قبعة طاهي، ولكن يجب القول أنه كانت هناك أحكام أسوأ من هذا بكثير.

حينما واجهنا كوريا الجنوبية في ثمن النهائي شعرنا بأن هناك شي ما يقف بجانبنا وبهذا الشيء أقصد التوفيق. خلقوا فرصا كثيرة للتسجيل ولكن سجلت بعد ثماني دقائق. لعبوا أفضل منا وحينما تعادلوا كان الأمر مستحقا. كانوا يركضون في كل أنحاء الملعب وبسرعة كبيرة.

سددوا في العارضة ونحن تحملنا. كانت تمطر ولعبنا بشيء سيء ولم نتمكن من مجاراتهم، ولكن مع تبقي 10 دقائق على النهاية وتحت الأمطار جاء ربما ما أعتبره أفضل هدف لي في مسيرتي الدولية.

انفجرت في الاحتفال بشكل جنوني ولكن لاحقا أدركت أن هذا الأمر يعني أن استمرار بعدي عن زوجتي الحبلى سيطول لأن المغامرة لن تنتهي هنا. كنت أخشى ألا أحضر ولادة ابنتي الأولى.

- إلى نصف النهائي:

بعدها جاءت مباراة غانا في ربع النهائي وحدث ما حدث حينما تعرضت للطرد بسبب إنقاذي الكرة بيدي. شاهدت كيف أهدر أساموا جيان ركلة الجزاء من مدخل النفق لغرف الملابس. حينما رأيت كرته تعلو العارضة أدركت أن الأمر استحق ما فعلته.

 

ليست يد الرب
بل يد سواريز
اللعنة عليكم جميعا

حينما وصلت المباراة لركلات الترجيح كنت أتواجد في غرفة الملابس مع العامل جييرمو ريفيتريا. كان شعورا غريبا. الوقوف وذلك الحائط يمنعك عن التواجد هناك وأنت ترى الأمر عبر التلفاز. كنا في قمة القرب وقمة البعد عن ما يحدث.

اتصلت بزوجتي قبل بداية الركلات وسألتها عن حالها. كنت أبكي وفي نفس الوقت أخبرها بأن تهدأ وبأنها لن تضع ابنتنا قبل عودتي ثم أغلقت المكالمة، ولكن ظللنا نتبادل الرسائل بعد كل ركلة: سواء دخلت أو أهدرت حتى سدد سباستيان أبريو الكرة التي صعدت بنا لنصف النهائي.

أبريو ملقب بالـ"مجنون". هم يلقبونه بهذا لسبب ما. لم يكن أبريو يشاهد الركلات الأربع الأولى ولكنه كان يسأل إلى أي جانب ارتمى الحارس.. اليمين؟ حسنا.. اليسار؟ حسنا. أعتقد أنه لهذا السبب قرر تسديدها في المنتصف بطريقة بانينكا فالحارس لن يفكر أبدا أنه سيسددها بهذه الطريقة في منتصف المرمى في ربع نهائي كأس العالم!

حينما دخلت الكرة المرمى ركض الكل نحوه فيما أن ماوريسيو فيكتورينو جثا على الأرض من أجل الصلاة. كانت هناك مشاعر كبيرة على مقاعد البدلاء لدرجة أن الحارس الاحتياطي تعرض للإغماء.

حينما خرجت من النفق ودخلت للملعب ركض الكثير من اللاعبين نحوي وقاموا باحتضاني وقالوا لي أنه لولا يدي لما تأهلنا لنصف النهائي. يقول البعض أن ما فعلته بيدي كان احتيالا ولكن كل الأمور بدأت بأحد لاعبي غانا يحصل على خطأ غير مستحق وبعدها يبدو أن هناك تسلل في الرأسية الأولى. لا أجزم بهذا ولكن ما أعرفه أنه لم يكن يوجد خطأ في بداية اللعبة.

- يد الشيطان:

أعشق إنقاذ الكرات في التدريبات. حينما نلعب مباراة ثلاثة ضد ثلاثة أو أربعة ضد أربعة، أقفز أمام الكرة من أجل إبعادها ولكن بكل تأكيد بقدمي أو برأسي.

في بعض الأحيان نلعب مباريات 10 ضد 10 دون وجود حارس ثابت وخلالها أتصدى للكرات ويندهش الحراس من التصديات التي أقوم بها.

هذا الأمر يأتي من الماضي. لدي صورة في منزلي بمونتفيديو لفريق ديبورتيفو أرتيجاس الذي كنت ألعب فيه وأنا طفل عمره ست سنوات. إذا ما نظرت بتمعن سترى أنه في منتصف الصف الخلفي أقف أنا كحارس مرمى.

لدى صورة أخرى لنفسي وأنا ألعب كحارس مرمى وألقي بنفسي للتصدي لإحدى الكرات، إذا لم أكن مهاجما لربما أصبحت ألعب في ذلك المركز.

بعد لمسة اليد أمام غانا كان هناك زميل يقف أمامي لذا قلت لنفسي ربما لم ير الحكم ما حدث. ولكن سمعت صافرة الحكم. خورخى فوسيلي لا يشبهني بكل تأكيد ولكن شعره أسود وكان يقف بجانبي وكان لديه بطاقة صفراء وسيغيب عن نصف النهائي، لذا ذهبت للحكم وقلت له لم أكن أنا من فعلها وأشرت نحوه.

كان يجب علي محاولة القيام بالأمر ولكن الحكم لم يقع في المصيدة وطردني.

أطلقت إحدى الصحف في جنوب أفريقيا على تلك الواقعة "يد الشيطان" ونشرت صورة لي بقرنين ولكن لا زلت أعتقد أن ما فعلته ليس سيئا للغاية. لم أسجل هدفا بيدي مثل مارادونا في مونديال 1986. تجنبت هدفا ودفعت الثمن.

أفضل أن أتعرض للطرد بسبب منعي هدفا بيدي على التعرض للطرد عقب إلحاق الضرر بزميل. لم أشعر أن ما فعلته كان احتيالا بل تضحية وفي النهاية كان جيان هو لم يقم بفعل ما كان مطلوبا منه.

- نهاية الرحلة:

شاهدت مباراة هولندا من المدرجات. لم يكن دييجو فورلان أهم لاعبينا في أفضل حالاته. لو شاركت لكان بامكاني المساعدة. كافحنا على قدر استطاعتنا ولكن في النهاية خسرنا بثلاثة أهداف لاثنين. على أي حال لم نكن لنتخيل في الأساس الوصول إلى هنا.

في مباراة تحديد المركز الثالث كانت الأمور هامة بالنسبة لي. لم أكن أرغب في أن يكون أخر ما يتذكره الجميع عني في هذا المونديال هو لمسة اليد. لم يسبق لأوروجواي أبدا احتلال المركز الثالث في المونديال أيضا، لهذا يمكن القول أنه كان لدينا هدف نلعب من أجله.

لعبت ألمانيا بنصف طاقتها. كان واضحتا للغاية أنهم لم يشعروا بنفس القدر من الحماس ولكنهم كانوا الفريق الأفضل وفازوا بثلاثة أهداف لاثنين. شاهدنا النهائي في فندق المنتخب ولم يمكننا التوقف عن التفكير. "كان بامكاننا التواجد هناك".

حينما حصل فورلان على جائزة أفضل لاعب لم نصدق، خاصة وأن أوروجواي احتلت المركز الثالث ولكننا كنا سعداء للغاية. تشارك دييجو الجائزة مع الجميع حرفيا. حيث صنع عدة نسخ منها ووزعها علينا جميعا.

كنت أرغب في الذهاب لبرشلونة من أجل البقاء مع زوجتي وخوفا من أن تضع المولود قبل وصولي، ولكن في النهاية سافرت مع المنتخب لأوروجواي من أجل الاحتفالات. قالوا لي أن غيابي لن يكون مقبولا. كانت الاحتفالات رائعة وأتذكر أن الجماهير ألفت هتافا يقول:

كان شعورا رائعا وفريدا ولكن لم أتمكن عن التوقف في التفكير بزوجتي. سافرت لها في النهاية في اليوم التالي ولحسن الحظ لم يحدث أي شيء لم تكن قد وضعت. كان يتبقى المزيد من الوقت.

- طائرة خاصة:

الوقت كان يتبقى لأزمة جديدة. وصلت إلى برشلونة في 15 يوليو وفي 28 من نفس الشهر كان يجب علي خوض مباراة تأهل لدوري الأبطال مع أياكس أمام باوك. اتصلت بالمدرب مارتين يول وطلبت منه المزيد من الوقت ووافق.

سافرت إلى أمستردام ولعبت مباراة الذهاب وتعادلنا بهدف لمثله بهدف سجلته. مباراة العودة كانت في الرابع من أغسطس ولكن في الثاني من نفس الشهر اتصلت بي صوفي وقالت لي "الطبيب أخبرني بأنه يجب أن أتواجد في الخامس من الشهر من أجل الولادة".

قلت لنفسي: "كيف سأتمكن من التواجد هناك ظهيرة الخامس من أغسطس إذا ما كنت سألعب في اليونان في الليلة السابقة؟" تحدثت مع مسئولي النادي وقلت لهم ما يحدث. في هذه اللحظة أنقذني أياكس. تعاقد لي مع طائرة خاصة من أجل الذهاب مباشرة لبرشلونة بعد المباراة. لم يكونوا يعلمون إذا ما كنا سنتأهل أم لا ولكنهم نظموا هذه الرحلة من أجلي. سأظل دائما ممتنا لهم لأنني إذا ما سافرت في رحلة تجارية عادية لم أكن لأصل في الموعد. تعادلنا بثلاثة أهداف لمثلها وسجلت في هذه المباراة. كنت أدين لهم بهذا وفي النهاية وصلت بالموعد المحدد وحضرت ولادة ابنتي.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر Filgoal وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى