موجز نيوز

7وادث بالمستندات.. ننشر تفاصيل أخطر تشكيل عصابي لتلفيق القضايا للمواطنين موجز نيوز

الأربعاء 2 نوفمبر 2016 01:32 مساءً داخل المحاكم يتزاحم المتقاضون.. وبين هؤلاء تبرز فئة من المواطنين، يتنقلون بين الأروقة والمكاتب، لتقديم معارضات فى أحكام صدرت ضدهم دون ان يعلموا عنها شيئا، ويسعون بكل جهدهم لإثبات براءتهم من اتهامات لفقها لهم أشخاص مجهولين لا يعرفونهم.

 

التقت الوفد عددا من الضحايا، الذين أكدوا وجود "مافيا" تستأجر لتلفيق القضايا واستصدار أحكام غيابية، بهدف الانتقام من أصحابها او ابتزازهم ماديا، متورط فيها بعض ضعاف النفوس من المحامين وصغار المسئولين فى أقسام الشرطة والمحاكم، وشددوا على أن تلك الأحكام تصدر بناء على مستندات وأوراق مزورة وبسرعة غريبة، إذ تستغرق أقل من شهر بداية من تحرير المحضر وحتى صدور الحكم.

 

فى البداية توصلنا إلى بعض القضايا التى تتطلب وقفة أمنية وقضائية ومراجعة دقيقة لتفاصيلها، والتحقيق فى المخالفات التى شابتها.. بدأت الوقائع فى 25 مارس الماضى، حيث تم تحرير المحضر رقم "1662 لسنة 2016" جنح الشروق، بمعرفة أحد امناء الشرطة، وأثبت فيه حضور المحامي "ع غ س"، وكيلاً عن المدعو صلاح جمال عطية محمد، المقيم بالشروق بموجب التوكيل رقم 40 ب لسنة 2006، ليبلغ شفاهة عن تضرر موكله من المدعو "ع م أ"، مدعيا قيامه بإستلام مبلغ مالي قدره 100 الف جنيه على سبيل الأمانة لتوصيلها إلى شخص آخر يدعى مجدي عبد الكريم محمد، إلا أنه لم يوصل المبلغ المالي وأخذه لنفسه ما يعد خيانة للأمانة.

وعندما شرع أمين الشرطة فى كتابة المحضر فى تمام السادسة مساء، أثبت أنه إضطلع على أصل التوكيل، وبمناسبة تواجد المحامي أمامه شرع فى سؤاله، فكرر ماجاء شفاهة على لسانه وأثبت عنوان إقامة المشكو في حقه بمدينة الشروق وقدم المحامي المذكور صورة إيصال الأمانة وصورة التوكيل، وأحيل المحضر إلى نيابة القاهرة الجديدة، التى أحالت المتهم خلال أيام قليلة إلى المحاكمة دون سؤاله فى الاتهامات الموجهة إليه، أو استدعائه للمثول أمام النيابة، وأصدرت المحكمة حكما غيابيا ضده من أول جلسة بالحبس لمدة سنتين وكفالة 5 آلاف جنيه، وأسست الحكم على المستندات المقدمة من المحامى.

وبعد أن علم "الضحية" بالحكم سارع بتقديم معارضة عليه، وبدأ فى البحث والتحرى عن تلك الواقعة خصوصا وأنه لا تربطه أية علاقة بالمدعى، ليكتشف أن التوكيل الذى قدمه المحامى لأمين الشرطة "مزور"، وكذلك صورة إيصال الأمانة، ولم تتخذ الجهات المختصة الإجراءات الواجب اتباعها فى مثل هذه الحالات، من التأكد من أصل التوكيل وأصل إيصال الأمانة وغيره من المستندات.

الأمر الغريب والمثير أن المحضر الذى تلى المحضر السابق، والذى حمل رقم "1663" جنح الشروق، فقد حرره أمين شرطة آخر فى تمام الساعة الخامسة والنصف نفس اليوم، أى قبل المحضر الأول بنصف ساعة !، وهو خاص ببلاغ مقدم من ذات المحامى، وكيلا عن شخص يدعى "صلاح جمال عطية محمد"، المقيم فى الشروق، بموجب نفس التوكيل السابق رقم 40 ب لسنة 2006، يتهم فيه "م .ح"، المقيمة فى منطقة العباسية، بأنها حصلت من موكله على مبلغ 180 ألف جنيه، على سبيل الأمانة بغرض توصيله لشخص آخر وحررت إيصال أمانة بالمبلغ، غير أنها طمعت فى الأموال واستولت عليها لنفسها، وقدم صورة من إيصال الأمانة المشار إليه.

واكد محرر المحضر أنه اطلع على التوكيل وإيصال الأمانة، وأحيل المحضر إلى نيابة القاهرة الجديدة أيضا، والتى بدورها أحالت المتهمة إلى المحاكمة استنادا لما تم تقديمه من صور مستندات، وقضت المحكمة غيابيا فى أول جلسة، وبدون إعلان بحبسها لمدة عامين وكفالة 5 آلاف جنيه، وأستندت المحكمة في أسباب حكمها إلى تلك الأوراق المقدمة والتى تبين فيما بعد أنها مزورة أيضًا !!

وهناك قضية أخرى أقامها نفس المحامى، وحرر محضرها الذى حمل رقم "1664" جنح الشروق بتاريخ 25 مارس 2016، فى تمام الساعة السادسة مساء، أمين شرطة ثالث، (ذات توقيت المحضر الأول ونفس المحامي والمجني عليه !) وأثبت فيه أن المحامى قدم توكيلا من المدعو " صلاح جمال عطية محمد "، يحمل رقم 40 لسنة 2006، وأبلغه شفاهة تضرر موكله من "ع .ف"، والذى حصل منه على مبلغ 120 ألف جنيه، على سبيل الأمانة، بغرض توصيله لشخص آخر، غير أنه طمع فى المبلغ واستولى عليه لنفسه، ويعد بذلك خائنا للأمانة، وقدم أيصال أمانة.. وأثبت محرر المحضر إطلاعه على أصل التوكيل وإيصال الأمانة وأحيل المحضر لنيابة القاهرة الجديدة التي أحالت الضحية للمحاكمة إستنادًا إلى الأوراق المقدمة، دون إستدعائه أو سؤاله أو الإطلاع على أصل إيصال الأمانة ـ وقضت محكمة القاهرة الجديدة غيابياً في أول جلسة دون إعلان بحبسه لمدة عامين وكفالة 5 الاف جنيه.. وتبين أن التوكيل وإيصال الأمانة المشار إليهما مزورين أيضا!!

محضر آخر لذات المحامي وموكله حرره نقيب شرطة مقيد برقم 1699 لسنة 2016 جنح الشروق، وأثبت فيه حضور المحامي "ع غ س" وكيلاً عن "صلاح ج ع" بموجب توكيل رقم 40 ب لسنة 2016 توثيق الشروق وأكد تضرر موكله من المدعوة "ص. ك" ـ لحصولها من موكله على مبلغ 75 الف جنيه لتوصيلهم إلى شخص آخر، إلا أنها إختلست المبلغ لنفسها، وأثبت محرر المحضر إطلاعه على أصل الإيصال وإرفاق الصورة الضوئية .. كما إطلع الضابط على أصل التوكيل المزور وأرفق صورته، وأحيل المحضر لنيابة القاهرة الجديدة التي أحالت الضحية  للمحاكمة وقضت محكمة القاهرة الجديدة غيابياً في أول جلسة دون إعلان بحبسها لمدة عامين وكفالة 5 الاف جنيه.

حصلت الوفد على 4 صور للتوكيل المزور الذي حررت المحاضر بمقتضاه ، وأصل التوكيل المستخرج من مكتب توثيق الشروق والذي يبين أنه تم إضافة إسم صاحب البلاغات "صلاح ج ع م" عليه ــ أسفل إسم صاحب التوكيل الحقيقي ــ وصور إيصالات الأمانة الأربعة ويتبين منها أنها حررت جميعها وكذلك التوقيعات عليها بخط واحد ومحاضر الشرطة الأربعة المحررة بمعرفة 3 أمناء ونقيب شرطة بقسم شرطة الشروق والأحكام الصادرة غيابياً بشأنها بحبس الضحايا الأربعة لمدة عامين والزام كل منهم بسداد 5 آلاف جنيه كفالة

"مافيا من نوع خاص أعضاؤها من المسجلين خطر وبعض المحامين ضعاف النفوس".. هكذا وصف مصدر مطلع القائمين على تلفيق القضايا للمواطنين الأبرياء بهدف ابتزازهم ماديا، أو الانتقام منهم او تشويه سمعتهم.

وأضاف: "بعض العاطلين والمسجلين خطر، ممن يسعون وراء المكسب السريع والسهل، يتم إستئجارهم لتلفيق القضايا لأشخاص لا تربطهم بهم أية صلة، ولم يروهم نهائيا، مقابل تقاضي بعض الأموال.. وهؤلاء يجلسون على مقاهي قريبة من أقسام الشرطة والمحاكم المختلفة.. يلتقون ببعض ضعاف النفوس من المحامين، وقد تكون الدعوى خيانة أمانة أو تحرير شيك بدون رصيد، أو ضرب وسرقة وغيرها من الجرائم.. ومهمة "المجنى عليه" المستأجر تنتهى حيث يختفى عن الأنظار تماما ويتولى المحامى بالاشتراك مع آخرين مهمة استصدار الحكم القضائى".

وتابع: "هناك بعض الأعضاء الذين التحقوا بطرق ملتوية بنقابة المحامين، يتزعمون ما يمكن وصفه بـ "التشكيلات العصابية"، لتلفيق هذا النوع من القضايا، عن طريق "سرقة" صور توكيلات وكارنيهات المحامين، وصور بطاقات المدعين، من ملفات القضايا فى المحاكم المختلفة، نظير مبلغ مالى يحصل عليه موظفى تلك المحاكم.. وبموجب هذه الصور يحررون محاضر إيصالات الأمانة، وأحيانا يتلاعبون فى التوكيلات عن طريق إضافة أسماء وهمية، ورقم قومى وهمى، ضمانا لعدم وصول ضحية إيصال الأمانة إلى صاحب الدعوى".

وقال المصدر، إن لكل قضية وحكم سعره.. فالحكم الغيابى يصل سعره إلى 3 آلاف جنيه، والحضورى 8 آلاف جنيه، والحكم النهائى الاسئنافى واجب النفاذ 15 ألف جنيه.

وعن كيفية مواجهة هذه المافيا التى تسببت فى سجن أبرياء كثيرين، قال الدكتور محمد إبراهيم أحمد المحامى بالنقض والدستورية العليا للوفد: "يمكن القضاء على هذه الظاهرة بسهولة من خلال اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة والحرص على تنفيذها بدقة ، مشيرًا إلى أن أهم هذه الإجرءات هو إصدار كتاب دورى من وزير الداخلية، يتم تعميمه على جميع أقسام ومراكز الشرطة، يتضمن تعليمات بالحرص على استدعاء المشكو فى حقه، ومواجهته بالمستندات والأوراق المرفقة بالبلاغ في هذا النوع من القضايا، وإثبات أقوالهم فى محضر رسمى بشأنها، مع الحرص على جمع تحريات دقيقة حول الواقعة قبل تقديمها إلى النيابة العامة.. وبالتزامن مع هذا الإجرء يصدر النائب العام كتابا دوريا مماثلا وتعميمه على النيابات المختلفة، يتضمن تعليمات مشددة بعدم إحالة قضايا إيصالات الأمانة إلى المحاكم، إلا بعد إيداع أصل الإيصال وإلزام المبلغ (الشاكى) بتقديم الأصل أمام النيابة قبل إحالة الأوراق للمحكمة وسماع أقوال المتهم أو محاميه بعد الإطلاع على أصل التوكيل وألا تترك هذه المهمة لـ"أمناء الإستيفا".

وأضاف جمال التونسي المحامي بالنقض ، أن وزير العدل هو الرئيس الأعلى للتفتيش القضائى على قضاة الجنح في المحاكم الإبتدائية، فمن الممكن أن يصدر قرارا بشأن التعامل في قضايا إيصالات الأمانة، يتضمن عدم الاعتماد فى المحاكمات على الصور الضوئية، سواء لإيصالات الأمانة او توكيلات المحامين، وفى درجات الاستئناف والمعارضات، لا بد من التأكد من صحة توكيلات محامى المتهمين".

أشار إلى أن خطورة هذا الموضوع تكمن فى أن الضحية، يفاجأ بحكم نهائى ضده بالحبس، ولا يوجد أمامه سوى الرضوخ لابتزاز من لفقوا له القضايا، أو دخول السجن فى حالة عدم حيازته للمبلغ المطلوب، وهو يعلم بلأمر عن طريق الصدفة البحتة، عندما يوقفه ضابط أو أمين شرطة ويكشف عن صحيفة الحالة الجنائية له، أو يفاجأ بمباحث تنفيذ الأحكام تطرق بابه.

 


 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوفد وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

أخبار متعلقة :