موجز نيوز

«الإرهاب الأبيض» يضرب بلاد «العم سام»

[real_title] لا صوت يعلو فوق الرصاص، في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشهد تصاعداً خطيراً في عمليات إرهابية ينفذها مواطنون بيض ينتمون لليمين المتطرف، يكتفي الإعلام المحلي والسياسيون الأمريكيون بالإشارة إليها على أنها عمليات "إطلاق نار".

 

وخلال أقل من 12 ساعة بين مساء السبت وفجر اليوم الأحد، شهدت الولايات المتحدة، هجومان حصدا أرواح 29 شخصاً.

 

واستهدف الهجوم الأول مركز تسوق بمدينة إل باسو، في ولاية تكساس (جنوب)، وأسفر عن مقتل 20 شخصاً وإصابة 40 بجروح، فيما وقع الثاني في منطقة أوريغون التاريخية في وسط مدينة دايتون بولاية أوهايو (شمال شرق) وقتل خلاله 10 أشخاص من بينهم مرتكب الجريمة، فضلاً عن إصابة 16 آخرين.

 

ويأتي الهجومان بعد أسبوع من مقتل 3 أشخاص بينهم طفلان الأحد الماضي بعد أن أطلق شاب في الـ19 من عمره النار عليهم في مهرجان للطعام في ولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي للولايات المتحدة، قبل أن يقدم على الانتحار.

 

"تفوق الجنس الأبيض"

وتظاهر المئات من الأمريكيين أمام البيت الأبيض، ومبنى الكونجرس، بواشنطن، اليوم الأحد، مطالبين بتشديد قوانين حمل السلاح بالولايات المتحدة إثر الهجومين الأخيرين.

 

وعادة يغض السياسيون المحافظون في واشنطن الطرف عن الإرهاب المحلي الذي يمارسه اليمين العنصري، كون المتطرفين البيض هم القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري.

 

وتجلت هذه الحقيقة في الكشف عن هوية الإرهابي منفذ عملية إطلاق النار بمدينة إل باسو، إذ اتضح عبر منشورات له بحسابه على "تويتر" أنه من أشد المناصرين للرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب، مبدياً تعاطفاً كبيراً مع منفذ مذبحة نيوزيلندا التي استهدفت مسجدين أوائل العام الجاري وراح ضحيتها 51 مسلما وأصيب العشرات.

ومنفذ الهجوم يدعى "باتريك كروزيوس" (21 عاماً) يتبنى فكر "تفوق العرق الأبيض"، وأظهرت صور من حسابه على "تويتر"، الذي تم إغلاقه عقب الهجوم، وضع "بنادق مرتبة بطريقة تكون اسم "ترامب" باللغة الإنجليزية.

 

الإرهابي "كروزيوس" منفذ هجوم إل باسو

 

وقال "كروزيوس" في بيان نشره على الحساب نفسه قبل ارتكاب جريمته إن الهجوم يأتي ردا على غزو الهاسبينك (الناطقين باللغة الإسبانية) لولاية تكساس، لافتا إلى أنه اختار مدينة "إل باسو" لأنها تعج بالمهاجرين من أصول لاتينية، خاصة من المكسيك.

 

ويقول مختصون في الحركات المتطرفة بالولايات المتحدة إن الرئيس ترامب الذي أوصلته أصوات اليمين إلى البيت الأبيض يمثل رؤية هذا التيار العنصري، مستدلين على ذلك بتبنيه الكثير من مطالب البيض العنصريين وفي مقدمتها بناء الجدار مع المكسيك، انطلاقا من قناعتهم بأن توافد المهاجرين على البلاد قد ينهي سيطرة العرق الأبيض.

 

وأواخر يوليو المنصرم، أعطت المحكمة العليا الأمريكية، الضوء الأخضر لإدارة ترامب، باستخدام مليارات الدولارات من مخصصات وزارة الدفاع (البنتاجون) لبناء أقسام من الجدار الحدودي مع المكسيك، والذي يعد من أبرز وعود ترامب الانتخابية لقاعدته من اليمين، بدعوى أن المهاجرين من المكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية يمثلون السبب الرئيسي وراء ارتفاع مستويات الجريمة في البلاد.

 

دولة العنف

وبشكل عام، شهدت مختلف المدن الأمريكية على مدى الأعوام الماضية تزايداً ملحوظاً في وتيرة عمليات وحوادث إطلاق النار على خلفيات وأسباب متعددة الأمر الذي يلقي الضوء حسب مراقبين على مجتمع يعاني الكثير من الأزمات والمشاكل العميقة.

 

ويعزي متابعون تصدر الولايات المتحدة دول العالم من حيث عدد حوادث إطلاق النار وما ينتج عنها من ضحايا باستثناء مناطق الحروب إلى عوامل عدة بينها انتشار السلاح الذي هو في متناول الجميع هناك دون تدقيق في السجل العدلي للأشخاص الذين يشترونه، وكذلك تنامي الأفكار العنصرية، وتصاعد ثقافة العنف التي تبثها ماكينات هوليوود.

 

اللافت أن عدداً كبيراً من ضحايا هذه العمليات سقطوا على يد الشرطة الأمريكية تحت ذرائع قمع الجرائم، لكن حقيقة أن غالبيتهم من أصول إفريقية تؤكد تصاعد حدة الخطاب العنصري وانتشار الكراهية في المجتمع الأمريكي بما في ذلك مؤسسات إنفاذ القانون.

 

ووفقاً لدراسة أجراها "آدم لانكفورد" الأستاذ بجامعة ألاباما عام 2015، يشكل الأمريكيون نحو 4.4% من سكان الأرض، إلا أنهم يمتلكون 42% من أسلحتها.

 

وبحسب الدراسة ذاتها تركزت 31% من حوادث إطلاق النار الجماعي التي شهدها العالم في الولايات المتحدة في الفترة بين 1966 إلى 2012.

 

وفي عام 2018 شهدت أمريكا 307 حوادث لإطلاق نار جماعي أسفرت عن مقتل 328 شخصا، فيما أصيب 1251 آخرين، بحسب منظمة "أرشيف عنف السلاح" التي ترصد هذه النوعية من الحوادث.

 

وشهد العام نفسه ميلاد حركة "المسيرة من أجل حياتنا" التي نظمت مسيرات حاشدة في معظم المدن الأمريكية، عقب حادث إطلاق النار وقع 14 فبراير 2018 في مدرسة ثانوية بمدين باركلاند بفلوريدا (جنوب شرق)، وأسفر عن مقتل 17 شخصا.

 

 دعا الناجون من المذبحة إلى إطلاق هذه الحركة لإقناع المشرعين باتخاذ إجراءات لحظر بيع الأسلحة الهجومية، في وقت يكفل فيه الدستور الأمريكي حق حمل السلاح، وتتمتع جماعات الضغط التابعة للاتحاد القومي للسلاح (NRA) ويعرف أيضا باسم "الرابطة الوطنية للبنادق" بنفوذ كبير في البلاد.

 

 

رصاص في المدارس

ودائما ما تنجح شركات السلاح الأمريكية في كسب معركة تسليح المجتمع، بفضل لوبيات كبيرة مثل "NRA"، رغم تفشي ظاهرة إطلاق النار خاصة في المدارس والجامعات.

 

وبحسب مراقبين، تتمتع "NRA"، بتأثير هائل على المشرعين في الكونجرس، وتستخدم هذا التأثير للحيلولة دون صدور أي تشريعات لحظر بيع السلاح بين المواطنين الأمريكيين.

 

وفي فبراير 2018 أفادت منظمة"السيطرة على السلاح" (رقابية غير حكومية) بحدوث إطلاق نار في مدارس الولايات المتحدة كل يومين ونصف اليوم أي كل 60 ساعة.

 

وقالت المنظمة إنه "في غضون 7 أسابيع من بداية العام 2018، وقع 18 حادث إطلاق نار في مدارس البلاد، أي أن هناك اعتداء بأسلحة يحدث كل يومين ونصف اليوم في إحدى المدارس".

 

الغريب أن الرئيس الأمريكي وبدلاً من وضع حل جذري للقضاء على الظاهرة لاسيما في المدارس، اقترح عدة مرات تسليح المعلمين وتدريبهم على حمل السلاح، لتفادي حوادث إطلاق النار الجماعي التي تخلف مذابح داخل المدارس الأمريكية، ما اعتبره خبراء "حلا رخيصا وسريعا لمشكلة صعبة وباهظة الثمن".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري