موجز نيوز

بـ4 لاءات مسبقة.. «سوتشي» مسرحية كوميدية سياسية

[real_title] ببيان ختامي جرى التوافق عليه قبل بدء المباحثات ، وحقائب فارغة لملئها بالبضائع الروسية ، تطرقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى مؤتمر"سوتشي" الذي رفضت معظم مجموعات المعارضة السورية حضوره، ورفض مَن حضروا منهم مغادرة المطار.

 

وقال بعض الممثلين إنَّه لم تكن هناك فائدة من صياغة مقترحات؛ لأنَّ بيان المباحثات النهائي قد جرى التوافق عليه إلى حدٍّ كبير قبل بدء المباحثات. وبدلاً من ذلك، أحضر البعض حقائب فارغة لملئها بالبضائع الروسية وبيعها في بلادهم، وكان جدول الأعمال مُقسَّماً بالتساوي تقريباً بين المباحثات وتناول الوجبات.

 

وأشارت الصحيفة إلى ان المؤتمر الذي استضافته روسيا كان كوميديا سياسية، باستثناء أنَّ تقارير أفادت بمقتل 35 شخصاً في سوريا على الأقل منذ الأحد الماضي، 28 يناير، بينهم أم وثلاثة أطفال، في حملة القصف الجوي الحكومية المدعومة روسياً على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وفي الأسبوع السابق، قُتِل 8 أشخاص، بينهم طفلٌ صغير، حين ضربت قذيفة هاون من المعارضة دمشق القديمة.

 

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو مَن دعا إلى مباحثات سوتشي، وتمثَّل الهدف المعلن لها في كسر حالة الجمود الطويلة في المفاوضات من أجل إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 7 سنوات. ولم تُحرِز المباحثات الأخرى، التي ترعاها الأمم المتحدة، أي تقدمٍ باتجاه الانتقال السياسي التفاوضي الذي يتصورونه.

 

ولم تحقق جهود بوتين نجاحاً أفضل، ووصف المنتقدون المؤتمر بأنَّه مسرحية لم تتظاهر حتى بأنَّها تُعزِّز الحوار.

 

موسكو تزيح واشنطن

وقال هشام مروة، مستشار للجنة تفاوضٍ تابعة للمعارضة رفضت حضور المؤتمر، إنَّه في ظل حضور 1500 ممثل بينهم عدد قليل فقط من معارضي الحكومة السورية، "من الواضح أنَّهم لا ينوون إجراء نقاشاتٍ جدية. يحاول الروس السيطرة علينا، وإن لم يكن ذلك بصورة مباشرة، سيحاولون العثور على طريقةٍ ما".

 

وقال محللون إنَّ هدف روسيا الحقيقي هو أخذ مكان الولايات المتحدة كأكثر القوى الدولية انخراطاً في القضية، فيما تعيد تشكيل العملية الدبلوماسية كي تتناسب مع الواقع السياسي والعسكري المتمثل في أنَّ معارضي الرئيس بشار الأسد قد أخفقوا في إزاحته.

 

وتعيد حكومة الأسد، بمساعدة حاسمة من روسيا وإيران، تأكيد سيطرتها بحملةٍ عسكرية طاحنة، وتقاوم تقديم حتى أصغر التنازلات السياسية التي تقول روسيا إنَّها تحاول انتزاعها من الأسد.

 

ولم يتوقع أحد أن ينتج عن سوتشي اتفاق سلام. بل كان يُفترَض من مؤتمر سوتشي أن يُوسِّع نطاق الأصوات السورية في المباحثات، وبالفعل اجتذب المؤتمر بعض المدنيين، والمعارضين غير العنيفين، ومجموعات المعارضة التي يُتسامَح معها رسمياً والموجودة في دمشق ، بحسب ترجمة "هاف بوست عربي".
ولعل أكثر المفاوضات أهمية في سوتشي هي تلك التي كانت بين الأمم المتحدة وروسيا. إذ وافقت الأمم المتحدة على حضور مبعوثها إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ومنح سوتشي ثقلاً إذا ما توقَّفت روسيا عن محاولة جعل سوتشي، وليس جنيف، هي مكان مباحثات إعادة كتابة الدستور السوري.

 

ويوم الثلاثاء، جرى التعامل مع المسألة بذكاء، وذلك باقتراح الممثلين في سوتشي قائمةً لأعضاء اللجنة لا يمكن الموافقة عليها إلا في جنيف. لكن إذا ما أعاد هذا الاتفاق توجيه تركيز جنيف على محادثات إعادة كتابة الدستور بدلاً من استبدال الحكومة، ستكون روسيا حينئذ قد سجَّلت نقطةً جديدة لصالح الأسد.

 

أظهرت الطريقة التي خرج بها سوتشي أيضاً كيف لا يزال التوصُّل إلى حوارٍ حقيقي وبنَّاء بين الأطراف السورية المتقاتلة أمراً بعيد المنال.

 

قال مشاركون إنَّ الممثلين الذين أُرسِلوا من دمشق تمت الموافقة عليهم من الأجهزة الأمنية، ومعظمهم موالون للنظام من الاتحادات والمجموعات الأخرى التي يسيطر عليها حزب البعث الحاكم.

 

وحتى المعارضين المُتسامَح معهم والمقيمين في دمشق –الذين سُمِح لهم بالذهاب كي يكونوا ثقلاً مُوازِناً للمعارضة المسلحة- قد حصلوا على أوامر صارمة من المسئولين السوريين بشأن كيفية التصرُّف في المباحثات.

 

لاءات النظام 

فقبل يومين من المؤتمر، ملأ مئات الممثلين في المؤتمر –من الموالاة والمعارضة الموجودة في دمشق على حدٍ سواء- دار أوبرا دمشق، حيث منحهم أحد المسئولين الأمنيين الكبار ووزير الخارجية السوري، وليد المعلم، التعليمات.

 

وقال أحد المشاركين إنَّ المسؤولين تحدَّثا كما لو كانا أستاذين يتحدثان لطلبة ومنحاهم دروساً في الوطنية السورية. ولم يلتزما تماماً بالخط الروسي.

 

فوفقاً لمشاركين، منح المسئولان السوريان الممثلين خطوطاً حمراء: لا مباحثات بخصوص دستور جديد، بل فقط تعديل دستور 2012، (دعت الأمم المتحدة وروسيا وآخرون إلى كتابة دستور جديد)؛ ولا مباحثات بخصوص الجيش السوري أو الأجهزة الأمنية، (دعت مبادئ الأمم المتحدة إلى إدخال إصلاحاتٍ لجعل تلك المؤسسات ملتزمة بحقوق الإنسان وسيادة القانون)؛ والأهم، لا مباحثات بخصوص تغيير الرئيس.

 

وأوردت صحيفة الشرق الأوسط الدولية تفصيلاً إضافياً؛ إذ أُبلِغوا بعدم مصافحة شخصيات المعارضة القادمة من خارج سوريا.

 

وأظهرت لقطات من إحدى الرحلات المتجهة من دمشق إلى سوتشي –على متن طائرة تابعة لشركة أجنحة الشام التابعة لابن عم الأسد- صفوفاً من الممثلين المشاركين في سوتشي وهم يشاركون في أداء أغنية وطنية.

 

وبعد مداولاتٍ طويلة، قرَّر أعضاءٌ من المعارضة الموجودة في تركيا المشاركة. لكن عند وصولهم وجدوا أمامهم لافتاتٍ يُزيِّنها شعار المؤتمر الذي ظهر فيه العلم السوري الحالي فقط وليس العلم القديم الذي تبنّته المعارضة كرمزٍ للثورة، فرفضوا الخروج من المطار.

 

ونشر وائل الحسيني، وهو مراقب للوضع السوري، على حسابه بتويتر صورة لتلك اللافتات، وعلَّق عليها قائلاً: "في هذه الأثناء في سوتشي كيف تخبر المعارضين السوريين أن يخسروا دون إخبارهم أن يخسروا". 

— Wael Al Hussaini (@WaelAlHussaini) https://twitter.com/WaelAlHussaini/status/957227101463171072?ref_src=twsrc%5Etfw

وانتهى المطاف بالوفد، الذي كان يضم المقدم أحمد سعود، وهو ضابط منشق من الجيش السوري وقائد بالمعارضة التي كانت مدعومة في السابق من الولايات المتحدة، عالقاً في منطقة الوصول.

 

ونشر شخص يُدعى كريستيان تيرنر، وهو كندي يصف نفسه بأنَّه مؤيد للثورة السورية، على حسابه بتويتر صورة لوفد المعارضة والمقدم أحمد سعود أثناء وقوفه في المطار، وعلَّق قائلاً: " سوتشي: قال المقدم أحمد سعود، من الجيش الحر بإدلب، إنَّ السلطات الروسية في المطار أساءت معاملة الوفد، حيث احتُجِز لساعاتٍ دون أي خدمة أو مكان للجلوس. سيعود معظم أعضاء الوفد إلى تركيا هذا الصباح".

"حمام سوتشي الأبيض"

وفي سوريا، اندلعت توترات عسكرية بين إيران وتركيا، وهما بلدان من رعاة مباحثات سوتشي. إذ قِيل إنَّ ميليشيات مدعومة إيرانياً قصفت رتلاً تركياً كان يعمل داخل سوريا بإذنٍ من روسيا.

 

وتواصلت الغارات الجوية من جانب الحكومة السورية وروسيا.

 

ووصف الناشط الإعلامي معاذ الشامي الطائرات التي تُحلِّق فوق بلدته، سراقب، حيث استُهدِف سوق ومشفى يوم الإثنين، 29 يناير ، بأنَّها "حمام سوتشي الأبيض".

 

وقال في مقطع فيديو للدمار الناتج عن القصف: "روسيا تقول لنا: اقبلوا ببشار واقبلوا بسوتشي وإلا ستُدمَّرون".

 

كان من بين الممثلين في سوتشي معراج أورال، وهو قائد ميليشا سورية متهم بتحريض قوات موالية للنظام قتلت عشرات المدنيين، بينهم أطفال، في هجومٍ على مدينة بانياس وقرية البيضاء الساحلتين السوريتين في 2013.

 

ونشر ليفنت كمال، الصحفي التركي بوكالة أنباء الأناضول، صورة لمعراج أورال وكتب: "تستضيف روسيا رسمياً معراج أورال، جزار بانياس والريحانية، في مفاوضات سوتشي. تواصل روسيا تقديم الدعم للإرهابيين ضد تركيا".

وكان إلى أورال في الصورة قدري جميل، وهو أحد الممثلين البارزين بسوتشي وعضو أحد أحزاب المعارضة التي يتسامح النظام معها وعمل في حكومة الأسد من قبل.

 

وفي لحظة النقاش العام العفوية الوحيدة ربما في المؤتمر، قُوطِع وزير الخارجية الروسي لافروف بينما كان يدَّعي في خطابٍ له أنَّ "سوريا، بدعمٍ جوي من روسيا، نجحت في تدمير القوى الإرهابية".

 

فصاح رجل: "أوقفوا طائراتكم عن قصف الشعب السوري!". وبدا أنَّ الحراس الأمنيين تحدَّثوا معه بصرامة، فيما هتف آخرون من أجل روسيا.

 

ورد لافروف: "في روسيا، من الأدب أن تستئذن أولاً (قبل الحديث)".
 

البيان الختامي

في ختام المؤتمر صوت المشاركون على بيان ختامي يتضمن الاتفاق على تأليف لجنة دستورية من ممثلين عن الحكومة وتمثيل واسع للمعارضة "بغرض صياغة إصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254".

 

وستضم اللجنة بحسب البيان، "ممثلين للحكومة وممثلي المعارضة المشاركة في المحادثات السورية السورية" وآخرين. وأصدت وزارة الخارجية التركية بيانا في ختام المؤتمر قالت فيه إن "أهم ما صدر عن المؤتمر هو الدعوة لتشكيل لجنة دستورية وتقديم لائحة من 150 مرشحا".

 

ودعا المشاركون الأمين العام للأمم المتحدة لتكليف دي ميستورا للمساعدة في إنجاز أعمال هذه اللجنة في جنيف. ولا يتطرق البيان الختامي إلى مصير الرئيس السوري، ويؤكد أن الشعب السوري وحده يقرر مستقبله "عن طريق صناديق الاقتراع".

 

وأعرب الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الأربعاء عن "ارتياحهما" لنتائج مؤتمر سوتشي للسلام حول سوريا، بحسب ما قاله الكرملين في بيان، أضاف فيه أن "رئيسي الدولتين أعربا عن ارتياحهما لنتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد في سوتشي في 30 يناير".

ومؤتمر سوتشي هو الأول الذي تنظمه روسيا على أراضيها بعدما لعبت دورا بارزا خلال العامين الماضيين في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض في سوريا لصالح قوات النظام، وترافق ذلك مع تراجع دور الولايات المتحدة والدول الأوروبية السياسي في ما يتعلق بالنزاع ، بحسب " أ ف ب".

 

وعقد المؤتمر بموافقة إيران أبرز داعمي دمشق إلى جانب روسيا، وتركيا الداعم الأبرز للمعارضة. وترعى الدول الثلاث منذ حوالى سنة محادثات في أستانة بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن المعارضة أدت إلى الاتفاق على إقامة مناطق خفض توتر في سوريا.

 

وأتى مؤتمر سوتشي بعد جولة فاشلة برعاية الأمم المتحدة بين الحكومة والمعارضة في فيينا، تلت جولات عدة مماثلة في جنيف لم تؤد إلى نتائج تذكر. واصطدمت جولات التفاوض خصوصا بالخلاف على مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي تتمسك المعارضة بتنحيه، بينما تعتبر الحكومة أن الموضوع غير مطروح للبحث.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

أخبار متعلقة :