بيروت تسير نحو الهاوية.. الأزمات الاقتصادية تخنق لبنان

[real_title] رغم الدعوات المتكررة لخروج لبنان من النفق المظلم، وولادة حكومة جديدة تقود بيروت إلى الأمام، برئاسة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إلا أن الأمور تتجه نحو المجهول ومزيد من التعقيد، بسبب الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي تشهدها بيروت.

 

فالأزمات تحيط بلبنان من كل اتجاه، فهناك صراع على الحقائب وفشل في المشاورات، يتزامن مع أزمات اقتصادية طاحنة تنتظر "بلد الجمال".

 

ويعاني الاقتصاد اللبناني منذ سنوات من عدة مشاكل مزمنة، أبرزها العجز التجاري السلعي.

 

ووفق البنك الدولي، فإنه بعد مرور عام على نشوب الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، أدى الافتقار المقصود إلى إجراءات سياسية فعالة من جانب السلطات إلى تعريض الاقتصاد لكساد شاق وطويل، وفقًا لما جاء في تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني الذي صدر قبل أيام.

 

 

وقال التقرير إن لبنان يعاني استنزافاً خطيراً للموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث باتت هجرة العقول تٌمثل خياراً يائساً على نحو متزايد. ويتركز عبء التعديل الجاري في القطاع المالي بشكل خاص على صغار المودعين الذين يفتقرون إلى مصادر أخرى للادخار، والقوى العاملة المحلية التي تحصل على مستحقاتها بالليرة اللبنانية، والشركات الصغيرة.

 

ويناقش عدد خريف 2020 من تقرير المرصد اللبناني الصادر بعنوان "الكساد المتعمد" التطورات الاقتصادية في لبنان، ويحلّل مختلف عناصر الأزمة، ويعرض لمحة عامة عن التوقعات الاقتصادية للبلاد والمخاطر المحتملة.

 

وعلى مدى أكثر من عام، يتعرض الاقتصاد الكلي في لبنان لأزمات متفاقمة، بدءاً بأزمة اقتصادية ومالية، تلتها أزمة فيروس كورونا وأخيراً الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت. ومن بين الأزمات الثلاث، كان للأزمة الاقتصادية الأثر السلبي الأكبر والأطول أمداً. ومن المتوقع أن يتراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد إلى -19.2% عام 2020، بعد انكماشه -6.7% عام 2019.

 

 

وقد أدى انهيار العملة إلى معدلات تضخم تجاوزت حد الـ100%. ويعمل التضخم بمثابة ضريبة تنازلية شديدة، تؤثر على الفقراء والمحرومين بشكل غير متناسب، وكذلك الأشخاص ذوي الدخل الثابت مثل المتقاعدين. وأدى التوقف المفاجئ في تدفقات رؤوس الأموال الوافدة إلى استنفاد احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان.

 

وفعلياً، لا يزال تحويل الودائع بالدولار الأميركي إلى الليرة اللبنانيّة والاقتطاع من الودائع في الدولار الأميركي جارياً على الرغم من التزام مصرف لبنان والبنوك التجارية بحماية الودائع.

 

ومن المرجح أن تستمر معدلات الفقر في التفاقم، لتغطي أكثر من نصف السكان، ومما لا شك فيه أن انكماش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني بالقيمة الحقيقية وارتفاع التضخم سيؤديان إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وسيؤثران على السكان من خلال قنوات مختلفة مثل فقدان فرص العمل المنتجة، وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية، وتوقف التحويلات الدولية.

 

ومن المرجح أن تغتنم اليد العاملة عالية المهارة الفرص المحتملة في الخارج، مما يشكل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للبلاد.

 

 

وفي معرض التعقيب على التقرير، قال ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، "إن غياب التوافق السياسي حول الأولويات الوطنية يعيق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات إنمائية متبصرة طويلة الأجل."

 

وأضاف قائلاً "يتعيّن على الحكومة الجديدة أن تنفّذ على وجه السرعة استراتيجية ذات مصداقية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، مع اتخاذ تدابير قصيرة الأجل لاحتواء الأزمة، فضلاً عن اتخاذ تدابير متوسطة إلى طويلة الأجل للتصدي للتحديات الهيكلية. وهذا أمر لا بد منه لاستعادة ثقة اللبنانيين، ولا سيما الشباب، الذين برهنوا مرّة تلو المرة عن قدرتهم على الصمود في وجه المصاعب، ولكنهم يعانون حالياً من العبء التراجعي للتعديلات المالية".

 

لقد اختلفت السلطات في ما بينها حول تقييم الأزمة وتشخيصها وحلولها، وكانت النتيجة عدداً كبيراً من التدابير غير المنسّقة وغير الشاملة وغير الكافية في مجال السياسات العامة، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأخفقت الحكومة في وضع سياسة للمالية العامة تتسق مع إطار متوسط الأجل للاقتصاد الكلي ذي مصداقية.

 

ويدعو القطاع المصرفي إلى إنقاذ القطاع المالي من قبل القطاع العام وهو ما لا يتفق مع مبادئ إعادة الهيكلة التي تحمي دافعي الضرائب، وفشلت السلطات النقدية في معالجة أزمة أسعار الصرف وارتفاع التضخم ولم تتخذ الحكومة بعد التدابير اللازمة للتخفيف من حدة الفقر عبر معالجة الآثار الاجتماعية للأزمات على الأسر الفقيرة والمحرومة من خلال تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.

 

 

وكما يظهر تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني، في الفترة التي سبقت الأزمة الاقتصادية، كانت أساسيات الاقتصاد الكلي  في لبنان ضعيفة مقارنة بمجموعات مختارة من الأزمات العالمية، لذا يتوقع أن تكون عملية التعديل أكثر صعوبة، حتى مع وضع تدابير مثلى على صعيد السياسات العامة.

 

وبعد مرور عام على الأزمة الاقتصادية، لم يتم بعد إقرار هذه السياسات، ناهيك عن تنفيذها. ونتيجة ذلك، من المرجح أن تكون الأزمة الاقتصادية في لبنان أعمق وأطول من معظم الأزمات الاقتصادية.

 

ويتطلب إعادة البناء على نحو أفضل أن يعطي لبنان الأولوية لبناء مؤسسات أفضل، وحوكمة رشيدة، وبيئة أعمال أفضل، إلى جانب إعادة البناء المادي. ومع ذلك، ونظراً لحالة الإعسار التي يمر بها لبنان وافتقاره إلى احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، فإن المساعدات الدولية والاستثمار الخاص يشكلان ضرورة لتحقيق الانتعاش وإعادة الإعمار الشاملين. وسيتوقف مدى وسرعة تعبئة المعونات والاستثمارات على ما إذا كان بإمكان السلطات والبرلمان العمل سريعا على إصلاحات المالية العامة وإدارة الحكم والإصلاحات المالية والاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها، إذ أنه بدون تلك الإصلاحات، لا يمكن أن يتحقق تعاف مستدام ولا إعادة إعمار، وسيواصل الوضع الاجتماعي والاقتصادي دهوره.

 

ويطرح القسم الخاص بالتقرير أجندة إصلاحية شاملة للمناقشة، وتهدف الأجندة المقترحة إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية ويمكن أن تمهد الطريق لاقتصاد أكثر إنصافا وكفاءة وقدرة على التكيف.

         

وبذلك، تضع الأجندة إصلاحات الحوكمة والمساءلة في مركز الصدارة، إلى جانب تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي في إطار سعيها إلى إعادة بناء الثقة. وتتضمن أجندة الإصلاح المقترحة خمس ركائز: 1) برنامج لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي؛ 2) حزمة إصلاحات الحكم والمساءلة؛ 3) مجموعة إصلاحات تطوير البنية التحتية؛ 4) أجندة إصلاح للفرص الاقتصادية؛ 5) حزمة إصلاحات لتنمية رأس المال البشري.

 

ولأجندة الإصلاح شرط مسبق واحد هو التزام صانعي السياسات اللبنانيين بإعادة بناء اقتصاد أكثر إنتاجية وإنصافاً ومرونة، ويُعنى قسم التركيز الخاص هذا بإثراء نقاش مفتوح بين الشعب اللبناني وبينه وبين حكومته. ويهدف إلى الإسهام في النقاش الذي ينبغي أن يجري على طريق الخروج من الأزمة الجارية، وتسلسل الإصلاحات، والرؤية الإنمائية الطويلة الأجل، وكلها أمور مترابطة. وكلها تتطلب تمويلاً. ومع ذلك، وقبل أن يتم أي تمويل للانتعاش الاقتصادي، يجب على لبنان استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين، وبين الحكومة والمستثمرين، وبين الحكومة والمانحين.

 

 

ويعاني لبنان، منذ شهور، أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.

 

وفي 22 أكتوبر الماضي، كلف الرئيس اللبناني، سعد الحريري، بتشكيل الحكومة الجديدة، عقب اعتذار مصطفى أديب في 26 سبتمبر الماضي، لتعثر مهمته في تشكيلها، بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الفائت.

 

وستحلّ الحكومة المرتقبة محل حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت بعد ستة أيام من انفجار المرفأ، الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وأصاب ما يزيد على 6 آلاف آخرين، بجانب دمار مادي هائل.

 

يذكر أن السلطات اللبنانية تستعد لإلغاء دعم بعض السلع الأساسية كالقمح والوقود والدواء، ما قد يزيد حالة الغضب في بلد تعصف به الاحتجاجات منذ أكتوبر الماضي.

 

وما تزال وتيرة التخوفات حاضرة لدى الشارع اللبناني، من إعلان المصرف المركزي، رفع الدعم عن السلع الرئيسة المستوردة.

 

تجدر الإشارة إلى أنه في الحالة اللبنانية، تبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي، 15 بالمئة من إجمالي الودائع، بينما يبلغ في بلدان أخرى مثل الأردن 5 بالمائة، وفلسطين 9 بالمئة.

 

ويواجه لبنان تراجعا متسارعا في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019، مع تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محليا، وسط هبوط حاد في سعر صرف الليرة.

 

إلا أن البنك المركزي يملك كميات من احتياطي الذهب، البالغ حجمها حتى مطلع الشهر الجاري، 286.8 طنا، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

 

وقبل فرضية رفع الدعم من قبل مصرف لبنان، فإن البلاد تشهد قفزات متسارعة في أسعار المستهلك داخل السوق المحلية.

 

وقفز تضخم أسعار المستهلك في لبنان بنسبة 136.8 بالمئة على أساس سنوي، خلال أكتوبر الماضي، تحت ضغوط ضعف سعر الليرة أمام الدولار في السوق المحلية.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى