[real_title] مع بدء الحكومة العراقية الجديدة مهامها، ينتظرها العديد من الملفات المعقدة، خاصة مع تفشي فيروس كورونا وتاثيره على الاقتصاد العراقي، حيث يتحتم عليها الاقتطاع من الرواتب العامة الضخمة، في خطوة ستلقى رفضاً شعبياً وربما تجدّد موجة الاحتجاجات. وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، يتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9,7 % العام الحالي، وتتضاعف أيضاً معدلات الفقر، بحسب توقعات البنك الدولي، ما يجعل ذلك أسوأ أداء سنوي للبلاد منذ الغزو الأمريكي. وتضرّر ثاني أكبر منتجي منظمة أوبك جراء ضربة مزدوجة، أولاً بانهيار أسعار النفط، وثانياً بجائحة كوفيد-19، ما أثر بشكل دراماتيكي على عائداته من النفط. وبلغت إيرادات العراق من النفط الشهر الماضي 1,4 مليار دولار، أي أقل من ثلث مبلغ الأربعة مليارات ونصف التي تحتاجها البلاد شهرياً لدفع رواتب الموظفين في القطاع العام والتعويضات والتكاليف الحكومية. في مواجهة هذه الأزمة، قد يضع المسؤولون كشوفات الرواتب الضخمة على لائحة الاقتطاع، وفق ما يؤكد مسؤولان كبيران مشاركان في نقاشات لاقتراح حلول. والأرجح أن تبقى أسس الرواتب على حالها، وأن تطال التدابير التقشفية ستطال "المخصصات" الكبيرة التي شكلت ثلثي ميزانية الـ36 مليار دولار للرواتب في العام 2019 . وتتضمن تلك المخصصات مكافآت أو امتيازات كالسيارات والمنازل، استناداً إلى عوامل تشمل الأقدمية والمستوى التعليمي والأطفال، أو بشكل غير رسمي العلاقات السياسية والأسرية. ويقول مسؤول عراقي "التخفيضات التي ندرسها تشمل خفض مخصصات الموظفين العامين الرفيعي المستوى بأكثر من النصف، والمستوى المتوسط بنسبة 50 في المئة، والمستوى المنخفض بنحو 30 %". وستدرس الحكومة أيضاً تجميد عمليات التوظيف والترقية، وخفض الإنفاق العسكري، ووقف صيانة المباني الحكومية لتوفير المزيد من المال. وقد تقوم السلطات حتى بطباعة العملة لدفع الرواتب، الأمر الذي سيجبر المصرف المركزي على استخدام احتياطاته الأجنبية البالغة 60 مليار دولار لدعم سعر صرف الدينار في مقابل الدولار. وتعد هذه الإجراءات جزءاً من "وثيقة تمويل الطوارئ" التي تبلغ 54 مليار دولار، أي ما يزيد قليلاً عن ثلث المبلغ المرصود في مسودة ميزانية العام 2020 التي لم يمررها البرلمان حتى الآن. ويضيف المسؤول "إنها المرة الأولى التي يتعين علينا فيها القيام بشيء مماثل". ونقلت الوكالة عن المحلل الاقتصادي العراقي علي مولوي قوله: إنه مع تزايد العجز كل شهر، "أي نوع من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة الآن لمحاولة تجنب الكارثة الاقتصادية، هي في الحقيقة قليلة جداً ومتأخرة جداً". وتدفع الحكومة رواتب لأربعة ملايين موظف، ومعاشات تقاعدية لثلاثة ملايين، ومساعدات لمليون آخرين، ما يعني أن واحداً من كل خمسة عراقيين يتقاضى ما يمكن اعتباره مدفوعات من الدولة. ويقول مولوي إن حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كسابقاتها، عيّنت موظفين لإرضاء حلفاء سياسيين. ويضيف أن "أسعار النفط ارتفعت عندما تولى عبد المهدي منصبه، ما أدى إلى شعور زائف من حكومته بالأمان، فتوسعت في القطاع العام إلى مرحلة فقدان السيطرة، وهو ما أدى إلى هذه الأزمة المالية الخطيرة". بالنسبة للعام 2019، رصدت الحكومة زيادة بنسبة 13 % في مصروف الرواتب، وقفزت بنسبة 127 %المعاشات التقاعدية، وفقاً لتحليل البنك الدولي. إلا أن إجراءات تقشف مماثلة "يمكن أن أن تثير مزيداً من الاضطرابات الاجتماعية، مع ضعف الخدمات العامة أصلاً وارتفاع معدلات البطالة"، بحسب البنك الدولي. وكان رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يأمل في ألا يضطر لأن يبدأ ولايته بالتخفيضات، لكن الخوف من رد الفعل العام منع حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد المهدي من تنفيذ الاقتطاعات. ويقول مسؤول ثان مشارك في تطوير إجراءات الطوارئ إن "أحداً لم يرغب في تحمل المسؤولية". ويصف المسؤول نفسه الاجتماعات التي كان فيها وزراء تصريف الأعمال أكثر تركيزاً على توقيع عقود اللحظة الأخيرة التي ستكسبهم رشاوى سريعة، لعلمهم أن أيامهم في الحكومة باتت معدودة. ونظراً إلى توقعات حصول انخفاض أكبر بعائدات النفط في أيار/مايو مع انخفاض الأسعار والطلب، قد تسوء الأمور.