انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ.. عودةٌ إلى زمن الحرب الباردة (القصة الكاملة)

انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ.. عودةٌ إلى زمن الحرب الباردة (القصة الكاملة)
انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ.. عودةٌ إلى زمن الحرب الباردة (القصة الكاملة)

[real_title] رغم المحادثات الأخيرة التي شهدتها جنيف السويسرية بين وفدي موسكو وواشنطن قبل نحو أسبوعين، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حسم بلاده موقفها بالخروج من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة وتعليق العمل بها بسبب ما قال إنّه تهديدٌ روسي للأمن القومي الأمريكي.

 

لم يُفصّل بومبيو ما دعاها "انتهاكات روسية"، لكنّ مدير الاستخبارات الوطني دان كوتس كان قد ذكر بالتفصيل كيف قامت روسيا بخرق المعاهدة قبل شهرين، وعرض معلومات تشير إلى أنّ موسكو قامت بتطوير صاروخ كروز m729 قبل حوالي عقدين، وقامت باختباره عام 2015.

 

وأضاف كوتس - كما نقلت قناة "العربية" - أنّ الولايات المتحدة عرضت القضية أمام روسيا أكثر من مرة منذ عام 2013، إلا أنّ موسكو كانت تنكر الموضوع، ومن ثم تطالب بالمزيد من المعلومات للتحري عن الطريقة الاستخبارية التي حصلت فيها واشنطن على المعلومات، وعندما قامت الولايات المتحدة أخيرًا بالكشف عن اسم الصاروخ علنًا، اعترفت روسيا بتطويرها للصاروخ غير أنّها قالت إنّه لا يخرق الاتفاق.

 

موقفٌ اعتبرته موسكو مجرد ذريعة لتوسيع وتطوير البرنامج النووي الصاروخي وإطلاق نظام تسلح جديد ترفض الانسياق عليه، ما تأكيدها على قدرة منظومتها الحالية على مواجهة التهديدات المحتملة.

 

تاريخيًّا، وُقّعت هذه المعاهدة في 8 ديسمبر 1987 في زمن الحرب الباردة، بين الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية على القضاء على الصواريخ المتوسطة المدى والقصيرة المدى، وتمّ إبرامه واشنطن العاصمة من قبل الرئيس رونالد ريجان، والأمين العام ميخائيل جورباتشوف، وصادق عليها مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة في 27 مايو 1988 ودخلت حيز النفاذ في أول يونيو من ذلك العام.

 

منعت الاتفاقية، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة من تطوير واختبار ونشر صواريخ نووية وتقليدية يتراوح مداها بين 500-5500 كيلو متر، وأتت بعد أن نشر الاتحاد السوفيتي هذه الصواريخ في أوروبا، ما أقلق حلف الشمال الأطلسي "الناتو" وأدّى إلى نشر أمريكا صواريخ مشابهة في أوروبا الغربية، وقد أثارت القضية الجماهير المعارضة للحرب ودفعت بتظاهرات ضخمة.

 

حاول "ريجان" الحصول على اليد العليا، إذ أراد عرض معاهدة على روسيا كان يعتقد أنها سترفضها، فكان العرض هو التخلص من الأسلحة ذات هذا المدى تمامًا، لكنّ المفاجأة كانت في موافقة جوربتشاف على ذلك، ما أنهى سباق التسلح في أوروبا.

 

ويرى خبراءٌ في مجال التسلح أنّ هناك مبالغة في الحديث عن أهمية المعاهدة في الوقت الحالي، فرغم أنّها أنهت سباقًا كبيرًا للتسلح في أوروبا خلال فترة الحرب الباردة عام 1987 إلا أنّه، خلال العقود الماضية، أصبحت أقل أهمية.

 

يفسّر هذا الأمر، ريتشارد وايتز المحلل المختص بالشؤون الروسية في معهد هدسون بقوله: "هناك 30 دولة تملك هذا النوع من الصواريخ متوسطة المدى، من بينها الصين وإيران وباكستان والهند، ومن ناحية ثانية هناك تكنولوجيا جديدة تمّ اختراعها منذ أن تمّ التوقيع على المعاهدة تستطيع أن تفي بنفس الغرض مثل بعض الطائرات بلا طيار وصواريخ يتم إطلاقها من البحر، وهي لا تقع ضمن نطاق المعاهدة، التي تشمل فقط الصواريخ الأرضية، ومنها الصواريخ التي كانت تطلقها روسيا على سوريا من سفن حربية في بحر القزوين".

 

لكن السبب الرئيسي الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى الانسحاب من المعاهدة هو الصين التي لا تنطبق عليها المعاهدة، فغالبية الأسلحة النووية، التي تقوم بتطويرها، تقع ضمن نطاق المعاهدة، سب مراقبين نقلت "العربية" آراءهم.

 

أثار القرار الأمريكي الكثير من ردود الأفعال، حيث أكّد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، عدم وجود تقدُّم فيما يخص معاهدة التخلص من الصواريخ.

 

وزارة الخارجية الروسية أعلنت أنّ موسكو تحتفظ بحق الرد في حال تم فسخ معاهدة القوى النووية المتوسطة نهائيًا، حسبما ذكرته وكالة "سبوتنيك" الروسية.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "هذا القرار جزءٌ من استراتيجية واشنطن للتنصل من التزاماتها الدولية.. هذا ليس مسألة تحميل روسيا المسؤولية بل هي استراتيجية الولايات المتحدة للتنصل من التزاماتها القانونية الدولية في مختلف المجالات".

 

إيران هي الأخرى دخلت على الخط، حيث قال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف قال: "انسحاب آخر من اتفاق من جانب إدارة ترامب.. هذه المرة معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة الأمد.. أي اتفاق مع حكومة الولايات المتحدة لا يستحق الحبر، حتى المعاهدات التى يصادق عليها الكونجرس".

 

باريس - من جانبها - دعت لاستغلال فترة الستة أشهر التي تنص عليها معاهدة القوى النووية المتوسطة والقصيرة المدى لعملية الانسحاب، للوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة التاريخية.

 

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية - في بيان - إنّها تأسف لقرار الولايات المتحدة الانسحاب من المعاهدة إذا لم توقف موسكو انتهاكاتها المزعومة للاتفاقية الموقعة عام 1987، داعيةً إلى حوار مع روسيا والتشاور مع شركائها في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

 

بالعودة إلى تفاصيل المعاهدة، يمكن القول إنّها كانت انتصارًا كبيرًا في وقتها وإحدى الأسس التي ضمنت تحقيق توازن استراتيجي والرقابة على الأسلحة النووية، حيث رسّخت إدارك الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي للعواقب المدمرة للحرب النووية على البشرية، ما فرض عليها تعزيز الاستقرار الاستراتيجي.

 

وبموجب هذا الاتفاق، حظرت المادة الثالثة الصواريخ قصيرة المدى السوفيتية من طراز "ss" والأمريكية من طراز "pershing"، كما منعت اثنين من الصواريخ متوسطة المدى السوفيتية من طراز "ss"، وكذلك الأمريكية من طراز "pershing A1".

 

المادة السابعة حدّدت مدى الصواريخ المحظورة، فألزمت الطرفين بالتخلص مما مداه 500 - 1000 كيلو متر لقصيرة المدى، و1000 - 5500 كيلو متر للمتوسطة، تخلّصت الدولتان منها بالفعل بحلول عام 1991.

 

ودمّر الجانبان على أساس المادة التاسعة منصات إطلاق تلك الصواريخ، فيما جعلت المادة الـ15، المعاهدة غير محدودة الأجل ومنحت الطرفين حق الانسحاب منها بعد تأجيل أدلة ثابتة.

 

لم يحل كل ذلك دون تراشق للاتهامات بين روسيا (وريثة الاتحاد السوفييتي) والولايات المتحدة، بشأن تطوير كل منهما صواريخ ممنوعة.

 

ومن مآخذ موسكو على واشنطن اختبار "الأخيرة" منظومة الدفاع الصاروخية باستخدام أهداف بالستية تماثل الصواريخ المتوسطة المحظورة، وتطوير الأمريكيين لطائرات مسيرة ضاربة، ونشر منظومات دفاع صاروخي بمنصات إطلاق تستخدم على متن السفن الأمريكية لإطلاق صواريخ هجومية من طراز "توماهوك"، والشروع في إنتاج رأس نووية من طراز "w 76 -2".

 

فيما اشتكت واشنطن من الصاروخ الروسي المجنح "9m729" الذي لا يتجاوز مداه 480 كيلو مترًا، وصاروخ بالستي عابر للقارات من طراز "ss - 27".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى