احتجاجات السودان تُغيّر حسابات البشير.. لماذا لجأ إلى إريتريا؟

[real_title] "لماذا هنا؟، لماذا الآن؟".. سؤالانٌ صعدا إلى صدارة الأزمة المتصاعدة في السودان، عندما أعلن الرئيس عمر البشير فتح الحدود بين بلاده وإريتريا إيذانًا باستئناف العلاقات بين البلدين بعد عامٍ من انقطاعها، بالتزامن مع احتجاجات عاصفة لم تشهد البلاد لها مثيلًا من قبل.

 

البشير قال أمس الخميس في خطاب جماهيري في ولاية كسلا شرقي البلاد، إنّه قرر إعادة فتح الحدود مع إريتريا، وأضاف: "أقدم من هنا شكرًا خاصًا لدول الجوار، وأخص دولة إريتريا رئيسًا وحكومة وشعبًا، ومن هنا أعلن فتح الحدود مع إريتريا".

 

وأضاف الرئيس السوداني: "هم أهلنا وإخوتنا.. السياسة لن تفرقنا، لأنّ علاقتنا مع إريتريا علاقة تاريخ وجغرافيا ودم".

 

 

إعلان البشير جاء بعد مرور عام على قطع العلاقات، حيث كانت الخرطوم قد أعلنت في السادس من يناير من العام الماضي، إغلاق حدوده مع دولة إريتريا، بموجب مرسوم جمهوري خاص بإعلان الطوارئ في ولاية كسلا الحدودية، أعقبه إرسال تعزيزات عسكرية إلى الولاية، بعد تقارير إعلامية - حينذاك - أشارت شكوكًا حول وجود حشود عسكرية في قاعدة ساوا الإرتيرية، تستهدف تنفيذ عمليات عسكرية داخل العمق السوداني.

 

و"كسلا" ولاية حدودية شرقي السودان مع إريتريا وإثيوبيا، ويمر بها الطريق القاري الذي يربط الخرطوم بالعاصمة أسمرا، وتُعد واحدة من ولايتين وافق البرلمان السوداني، قبل أسبوعين، على تجديد حالة الطوارئ فيهما، للحد من الهجرة غير الشرعية، وجمع السلاح ومكافحة التهريب.

 

لكنّ اللافت أنّ هذا التوجُّه السياسي الجديد تزامن مع احتجاجات عاصفة يشهدها السودان منذ 19 ديسمبر الماضي، كان يحتج "الغاضبون" في بدايتها على الأوضاع الاقتصادية المتردية، لكنّها وصلت إلى حد المطالبة بتنحي البشير عن السلطة.

 

ولم يقتصر تعامل البشير مع الاحتجاجات على قمعها أمنيًّا وإسقاط عشرات القتلى والجرحى واعتقال المئات قبل الإفراج عنهم لاحقًا، لكنّ مد يديه للخارج بحثَا - كما قال محللون - عن طوق نجاة إقليمي يساعده على إكمال مسيرته في السلطة التي بدأت قبل نحو 30 عامًا، وهو ما فهم ضمن الأسباب التي قادت البشير إلى استئناف العلاقات مع الجارة إريتريا.

 

تنقل فضائية "العربي" عمن وصفتهم بخبراءٍ في شؤون منطقة القرن الإفريقي، أنّ السودان يحاول بخطوة فتح الحدود مع إرتيريا اللحاق بموجة المصالحات في المنطقة، وبخاصةً أنّه شعر بشيء من العزلة في خضم التظاهرات الغاضبة التي اجتاحت بلاده، وأنّ قرار الرئيس البشير الذي أعلنه من كسلا الحدودية، يرتبط بمصالح سكان الولاية التي تأثرت كثيرًا بقرار إغلاق الحدود، حيث تعتمد الولاية بشكل كبير على حركة التبادل التجاري بين البلدين، وبخاصةً المناطق الريفية، وبذلك يحاول البشير كسب المزيد من الشعبية وعدم خسارتها، في ظل حراك شعبي في البلاد يطالب بتنحّيه.

 

 

وحدّدت كذلك سببًا متوقعًا ثالثًا لهذه الخطوة، وهو متعلق بالروابط الاجتماعية على الحدود بين السودان وإرتيريا، حيث كان قد حدّ قرار العام الماضي من الزيارات الأسرية بين الجانبين، ما دفع الأهالي إلى المطالبة بفتح الحدود أكثر من مرة.

 

ويبدو أنّ نظام البشير يعوّل كثيرًا على المساعدات الكثيرة التي يتلقّاها من دول خارجية، وهي تحمل رسائل سياسية واقتصادية، وتماشيًّا مع ذلك صرح وزير الإعلام السوداني بشارة جمعة - قبل أيام - في مقابلة أجرتها معه قناة العربية التلفزيونية: "الحكومة خطت خطوات وستنجز هذه العملية في خلال هذا الشهر والأشهر القادمة وحتى مارس ستكون الأمور إن شاء الله حلت تمامًا".

 

وبحسب تقارير دولية، فإنّ بقاء البشير على رأس السلطة حتى الآن ليس فقط بسبب سيطرته على الأمور أمنيًّا واللجوء إلى قمع الاحتجاجات، فالرئيس يحظى بحلفاء أقوياء على المستوى الدولي، بالإضافة إلى الدعم السياسي والمالي من حلفاء عرب رئيسيين، لا سيّما من قبل مصر والإمارات والسعودية، وكذلك قطر.

 

وفيما قُرأت برسالة دعم واضحة، كان الرئيس البشير قد اعترف بها صراحة، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، زيارةً إلى السودان هذا الشهر برفقة رئيس المخابرات العامة عباس كامل، وقالت الوزير خلال الزيارة: "تثق مصر تثق بقدرة السودان على تجاوز الوضع الحالي".

 

وتبع ذلك زيارة أحد مساعدي البشير للقاهرة، حيث قال الرئيس عبد الفتاح السيسي حينها: "مصر تدعم بالكامل أمن واستقرار السودان الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".

 

لا يقتصر الأمر على ذلك، بل تردّد عبر وسائل إعلام أمريكية، أنّ الخرطوم تتلقى أيضًا دعمًا ماليًّا يأتي إليها عبر البحر الأحمر، وتلقت استثماراتٍ بقيمة ٢.٢ مليار دولار مقابل مشاركتها في حرب اليمن إلى جانب التحالف العربي بقيادة السعودية دعمًا للشرعية.

 

 

تعليقًا على ذلك، يرى المعارض السوادني بكري عبد العزيز أنّ قرار الرئيس عمر البشير بإعادة العلاقات مع إريتريا لن يؤثر على الاحتجاجات ضده.

 

وقال في تصريحات لـ""، إنّ البشير يبحث عن حلفاء للخروج من الخندق الذي بات يضيق به يومًا بعد يوم، لافتًا إلى أنّ هذه المحاولات لن تحقّق مرادَه في إيقاف الاحتجاجات.

 

وأضاف: "السودان يشهد ثورة شعبية جارفة.. ثورة ضد الفساد والظلم ولتحقيق العدل، ولا تراجع عن الشارع إلى بعد تحقيق المطالب كافةً وفي مقدمتها تنحي البشير".

 

ودعا عبد العزيز (مسؤول الأمانة الخارجية لحراك الولايات السودانية المتحدة)، الدول التي تدعم نظام البشير أن تنظر إلى السودان باعتباره بلدًا تحكمه الإرادة الشعبية وليس دولٌ إقليمية، معيدًا التأكيد أنّ "الدعم الخارجي الذي يتلقّاه النظام لن يساعده على البقاء أكثر على رأس السلطة".

 

 

ويضيف: "نرفض التدخل في أي شأن داخلي للسودان.. هذه ثورة شعبية خرج الشعب يبحث فيها عن الحرية والكرامة.. وأي تدخل لدولة في الشأن السوداني نعتبره مسًا لسيادة البلاد".

 

ويؤكد عبد العزيز: "سيادة السودان تأتي من شعبه الذي يناضل من أجل الحرية والكرامة، وبالتالي فنحن نرفض تدخل أي دولة، وفي الوقت نفسه نشكر الدول التي ساندت الشعب السوداني لأنّها ثورة وانتفاضة شغبية".

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى