تركيا تتمدد في سوريا.. هل «حقًا» تكافح الإرهاب؟

تركيا تتمدد في سوريا.. هل «حقًا» تكافح الإرهاب؟
تركيا تتمدد في سوريا.. هل «حقًا» تكافح الإرهاب؟

[real_title] في الوقت الذي توجّه فيه تركيا الكم الأكبر من اهتمامها بقضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي ومحاولات التوصل إلى الحقيقة كاملة في هذا الملف المخيف، لم تغب الأزمة السورية، سياسيًّا وعسكريًّا عن الأذهان أيضًا.

 

فبعد أيام قليلة من انعقاد قمة رباعية في مدينة إسطنبول شارك فيها الرؤساء التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حول سوريا والحديث عن حلحلة للأزمة سياسيًا، جاء الدور على تطور عسكري.

 

اليوم الثلاثاء، توعد الرئيس التركي أردوغان بالقضاء على "الكيانات الإرهابية" شرقي نهر الفرات في سوريا، وقال إن قواته سوف تشن عمليات "أكثر فاعلية" قريبًا.

 

وقال أردوغان: إنّ القوات التركية بدأت التدخل ضد هذه الكيانات خلال الأيام الأخيرة.

 

وحسب شبكة "سكاي نيوز"، كان أردوغان يشير إلى وحدات حماية الشعب الكردية، المتمركزة على الضفة الشرقية لنهر الفرات شمالي سوريا.

 

وبدأت تركيا حملة جديدة على القوات الكردية في سوريا، التي تقول إنها على علاقة بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة جماعة إرهابية.

 

وقبل أيام، وجه الرئيس التركي ما وصفه "بالإنذار الأخير" لأولئك الذين يهددون حدود تركيا الجنوبية، قائلًا إنّ أنقرة مصممة على تركيز انتباهها على مسلحي أكراد سوريا في شرق الفرات.

 

وميدانيًّا، قصفت القوات التركية أمس الأول الأحد، مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية، في منطقة زور مغار إلى الغرب من منطقة عين العرب شمالي سوريا، بهدف "منع أنشطة إرهابية".

 

ونفّذت تركيا هجومًا ضد قوات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين السورية في وقت سابق من العام الجاري.

 

وسيطرت هذه الوحدات على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا عام 2012، مع انسحاب القوات الحكومية من هذه المناطق للتركيز على محاربة مسلحي المعارضة في الغرب.

 

التدخل التركي في سوريا، بدأ قبل عامين وتحديدًا في أغسطس 2016 من خلال عملية درع الفرات، عندما دخلت دبابات الجيش التركي قرب مدينة جرابلس الحدودية؛ بهدف مساندة قوات مشتركة من مختلف فصائل المعارضة السورية في توغلها داخل الأراضي السورية انطلاقًا من الأراضي التركية ضدّ تنظيم "الدولة".

 

جاء ذلك بعد أن استطاعت قوات المعارضة وبدعم من الطيران والمدفعية التركية طرد تنظيم "الدّولة" من بلدة الراعي الحدودية الاستراتيجية، والتي تعتبر ذات أهمية خاصة كونها المنطقة التي تتمّ من خلالها عمليات التهريب المختلفة لصالح تنظيم الدولة من وإلى تركيا.    

 

في قراءة حول هذا التدخل المستمر حتى الآن والمرشح للازدياد طبقًا لما صرح به الرئيس أردوغان، يقول مركز "برق" للدراسات المستقبلية - في دراسة سابقة - إنّ أنقرة لم تُخف قلقها الشّديد من تدحرج كرة الثلج في الأزمة السورية، وكان هاجس تفكك سوريا، وصعود القضية الكردية فيها حاضرًا منذ بداية الأزمة، ولذلك حرصت أنقرة على استيفاء كلّ الفرص المتاحة للوصول إلى حلول توافقية مع نظام بشار الأسد.

 

لكنها بعد الفشل في هذا الخيار، دعمت فصائل المعارضة السورية، وحرصت على دعم التّوافق بين المجلس الوطني السوري "كممثل للمعارضة" مع المجلس الوطني الكردي، والذي يُمثّل عدّة أحزاب كردية مدعومة من إقليم كردستان العراق ورئيسه مسعود برزاني، صديق وحليف أنقرة في مواجهة حزب العمّال الكردستاني (PKK) وفرعه السوري (حزب الاتحاد الديمقراطي PYD).

 

ولم يكن العام 2016 هو البداية الفعلية للتدخل، لكن سبق ذلك محاولات أخرى، ففي أكتوبر 2015، سُجّل أول رد فعل مباشر من الجيش التركي ضد الانفصاليين الأكراد الذين حاولوا عبور نهر الفرات، حيث قصفت الطائرات التركية زوارق تابعة لوحدات الحماية وهي تحاول عبور الفرات باتّجاه مدينة جرابل، وقد كانت هذه العملية أول اختبار لردات فعل أنقرة تجاه آخر خطوطها الحمراء التي حددتها في سوريا.

 

وإلى الآن، لا زالت تركيا تعزّز من تواجدها على الساحة السورية، سواء سياسيًّا أو  عسكريًّا أو ثقافيًّا، طبقًا لممارسات تم رصدها على الأرض.

 

تقول وكالة الصحافة الفرنسية - في تقرير: "من الكتب المدرسية، مرورًا بلافتات الطرقات، وصولاً إلى شركات الكهرباء والبريد والصيرفة، تغزو تركيا بلغتها ومؤسساتها المشهد في مدينة أعزاز الواقعة تحت سيطرة فصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة".

 

وتضيف: "منذ بدء النزاع في سوريا في العام 2011، مدت تركيا يد العون للمعارضة السياسية منها والمسلحة لاحقاً، وباتت اليوم تُعد أبرز داعميها، وعلى مرّ السنوات، تطور الدور التركي في سوريا، وبخاصةً بعد شن أنقرة حملة عسكرية في العام 2016 ضد تنظيم الدولة والمقاتلين الأكراد على حد سواء في شمال سوريا، وسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها حينها على مدن حدودية أبرزها جرابلس والباب والراعي".

 

وفي العام الحالي، تدخلت أنقرة عسكريًّا مرة أخرى، لكن هذه المرة في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال غرب حلب، وبات النفوذ التركي يمتد من جرابلس في أقصى ريف حلب الشمالي الشرقي مروراً بمدينة أعزاز شمال حلب وصولًا إلى منطقة عفرين، وتنتشر في هذه المنطقة قوات عسكرية واستخباراتية تركية، كما تنشط فيها شرطة محلية مدعومة ومدرّبة من تركيا.

 

وإلى جانب التواجد العسكري، وجدت المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة التركية خلال العامين الماضيين، موطئ قدم لها في هذه المنطقة الآمنة نسبيًّا، وقد أنشأت أنقرة على سبيل المثال شبكة كهرباء في مدينة جرابلس حيث عُلقت صورة للرئيس التركي أردوغان على جدار في مستشفاها الرئيسي المدعوم من أنقرة.

 

وحسب التقرير، تصل التغذية بالتيار الكهربائي في بعض الأحياء وسوق المدينة الأساسي إلى 20 ساعة يوميًّا على الأقل بموجب عقد سبق أن أبرم مع شركة "إيه كاي إينرجي" بقيمة ثلاثة ملايين دولار، واتخذت الشركة من مبنى حكومي سابق فرعًا لها في أعزاز.

 

في حديثه عن العمليات التركية في سوريا، يقول المحلل السياسي السوري ميسرة بكور إنّ العمليات العسكرية تمّ تنفيذها بدقة عالية وبهدوء تام بعيدًا عن محاولات البعض التشويش عليها.

 

ويوضح بكور في تصريحات لـ"مصر العربية": "العملية التي أطلقتها تركيا في عفرين هدفت إلى تحرير المدينة من عصابات حزب العمال المنظمة التركية الإرهابية بالتوصيف الدولي ومرتزقة أجانب جاءت بهم تلك المنظمة وشاهدنا صورهم في عديد المناسبات، ­بالمقارنة مع تلك الصور الواردة من منطقة الرقة ومحيطها التي دخلتها عصابات حزب العمال الإرهابي التي كانت كارثية واتبع فيها سياسة الأرض المحروقة".

 

ويتابع: "هناك بعض المتطرفين أصحاب الفكر الإرهابي الانفصالي ممن يؤمنون ويرتبطون بحزب العمال الإرهابي قرروا الهروب، ونذكر أنّه في السعودية تم تدشين مركز لمكافحة الإرهاب والفكر الإرهابي بوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السعودية، ونعتقد أنّ من يدعم ويؤيد حزب العمال الكردي وأذرعه ينضون تحت هذا العنوان ويجب ملاحقتهم وإخضاعهم للمحاكمة وإعادة تأهيلهم للتخلص من هذا الفكر الإرهابي المتطرف".

 

ويوضح بكور: "عصابات حزب العمال الأكراد قامت بتلغيم معظم الطرق والمباني بهدف تفجيرها بالأهالي وبالجيش الحر بهدف قتل أكبر عدد من الأهالي والجيش الحر وتدمير المدينة واتهام الجيش الحر بهذه الأعمال القذرة".

 

ويستطرد: "علينا أن نقارن تهجير المدنيين من غوطة دمشق من قبل الإيرانيين والروس وقصفهم في مراكز تجمعهم وفي الممرات الآمنة وإجبارهم على الهتاف باسم بشار الأسد وحمل صورة بالقوة الجبرية وإظهارهم في الإعلام بطريقة مهينة تعبّر عن وحشية الاحتلال الإيراني الروسي، الأمر الذي لم نشاهده في عفرين فلم يجبر أحد على الهتاف باسم الجيش الحر ولم يجبروا على رفع علم الجيش الحر أو صور أردوغان".
 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى