حرب اليمن.. أطفال في «جحيم الدنيا»

حرب اليمن.. أطفال في «جحيم الدنيا»
حرب اليمن.. أطفال في «جحيم الدنيا»

[real_title]  

 "تحذير جديد، لكن ما الجديد".. ربما هذا لسان حال ملايين اليمنيين الذين يدفعون حياتهم ثمنًا باهظًا وكلفةً مدمرةً للحرب المستعرة في البلاد منذ ثلاث سنوات.

 

التحذير الجديد صدر عن مندوبة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ميرتسيل ريلانو، إذ قالت إنّ الصراع حوّل اليمن إلى "جحيم مقيم لأطفاله"، مضيفةً أنّ أكثر من 11 مليون طفل -أي 80% من سكان البلاد تحت سن الثامنة عشرة- يواجهون خطر نقص الغذاء والإصابة بالأمراض والتشرد والنقص الحاد في الخدمات الاجتماعية الأساسية.

 

وأضافت في حديثٍ لوكالة "رويترز"، أنّ "ما يقدر بنحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية باليمن، كما أصيب ما يقرب من 400 ألف منهم بسوء تغذية حاد، ويكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة يوميًّا".

 

وأشارت إلى أنّ منظمة اليونيسيف قدّمت رعاية علاجية لأكثر من 244 ألف طفل يمني تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد منذ بداية العام الجاري، إضافةً إلى تقديم علاج من نقص عناصر غذائية محددة لأكثر من 317 ألف طفل تحت سن الخامسة.

 

في سياق متصل، أعربت منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية عن قلقها العميق إزاء حياة أكثر من أربعة ملايين طفل قالت إنهم على شفا الموت جوعا.

 

المنظمة قالت - في بيان - إنّ العمليات العسكرية بالقرب من الحديدة غربي اليمن تهدد الإمدادات الغذائية لملايين الأطفال.

 

وأضافت أنّ غارات الجيش اليمني المدعوم من التحالف السعودي الإماراتي على الحديدة تسببت في إغلاق الطريق الرئيسي الذي يربط المدينة بباقي أنحاء البلاد، موضحةً أنّ هذا الطريق يمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة لليمنيين.

 

من جانب آخر، ذكرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن ليز غراندي - في بيان - أنّ "التكلفة البشرية والأثر الإنساني لهذا الصراع لا يمكن تبريرهما".

 

وأضافت البيان أنّ "أطراف الصراع ملزمون بفعل كل ما هو ممكن لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان قدرة السكان على الوصول للمساعدات التي يحق لهم تلقيها ويحتاجونها للنجاة".

 

وأوضحت أنّ "الوضع الإنساني في اليمن تدهور بسرعة منذ انهيار محادثات رعتها الأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي قبل بدايتها، إذ تجدد القتال في مدينة الحديدة الساحلية، حيث يواجه مئات الآلاف من السكان مصيرًا مجهولًا".

 

ينضم كل ذلك إلى سلسلة من التقارير التي حذّرت بشدة من تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، رغم أنّه في الأساس بلغ حدًا مأساويًّا، في محاولة لردع أطراف الحرب سواء المليشيات الحوثية أو التحالف السعودي الإماراتي عن الإضرار المدنيين وبخاصةً النساء والأطفال.

 

فقبل أيام، قال الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إنّ "المعاناة الإنسانية والاحتياجات الصحية فى اليمن وصلت لمستوى غير مسبوق".

 

الأمهات المصابات بسوء التغذية تعجز عن إرضاع أطفالهن الذين يعانون أيضًا من سوء التغذية، بحسب المنظري الذي يؤكد أنّ هناك عائلات بأكملها أصيبت بالكوليرا وأمراضًا أخرى.

 

أيضًا، السكان الذين سقطوا في براثن الفقر المدقع بسبب الحرب غير قادرين على شراء الطعام لأسرهم، وحين توفر المرافق الصحية الرعاية الطبية المجانية، فإنّ الكثير من اليمنيين يعجزون عن تحمل تكاليف النقل العام للوصول لهذه المرافق، وتضطر العديد من العائلات لبيع ممتلكاتها لشراء الأدوية.

 

يذكر المسؤول الدولي في بيانه المأساوي: "على الرغم من التحديات الجسيمة التي تعيق استجابتنا، يستمر التزامنا بإنقاذ الأرواح في اليمن، ولضمان استمرارية عمل المستشفيات، نقوم بإمدادها بالوقود والمياه النظيفة والأدوية وسيارات الإسعاف"

 

ويتحدث عن "دعم مراكز علاج الإسهال والأمراض الأخرى ومراكز التغذية العلاجية للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم المصاحب لمضاعفات طبية، كما نحرص على ضمان استمرار العاملين الصحيين في الإبلاغ عن الأمراض من خلال توفير فرق الاستجابة السريعة والفرق الطبية المتنقلة".

 

يموت الناس في اليمن - يختم المنظري - ليس بسبب الرصاص والقنابل فحسب، ولكن أيضًا بسبب عدم قدرتهم على تلقى الرعاية الطبية التى يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة.

 

كما صدر عن الأمم المتحدة أنّ "الغارات الجوية للتحالف تسببّت في معظم الإصابات المباشرة بين المدنيين، فهي استهدفت المناطق السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف ومرافق الاحتجاز والقوارب المدنية وحتى المرافق الطبية".

 

وذكر تقريرٌ أنّ لدى فريق الخبراء أسباب معقولة للاعتقاد بأن الإمارات والسعودية والمرتزقة في اليمن مسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الحرمان غير المشروع من الحق في الحياة والاحتجاز التعسّفي والاغتصاب والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري وتجنيد الأطفال والانتهاكات الخطيرة لحرية التعبير والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في مستوى معيشي لائق والحق في الصحة.

 

التقرير أصدره الناشط التونسي كمال الجندوبي رئيس لجنة خبراء الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، وأثار ما ورد به غضبًا شديدًا من قِبل التحالف السعودي الإماراتي، الذي هاجم فريق التحقيق ورئيسه كمال الجندوبي، وشكّك بنزاهة التقرير وحياديته، واتهمه بالانحياز.

 

اليمن" target="_blank">الحرب في اليمن استعرت منذ تدخل التحالف العربي في مارس 2015، ضد جماعة أنصار الله "الحوثي" الذين انقلبوا قبل سنوات على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.

 

وميدانيًّا، لا يزال الحوثيون يسيطرون على شمال اليمن، في حين ما زال التحالف الذي تقوده السعودية يحاول وضع حد للانقلاب دعمًا للحكومة اليمنية الشرعية.

 

وحتى هذه اللحظة لا تُعرف أعداد الوفيات من جراء الأزمة الإنسانية، فالسلطات غير قادرة على إجراء إحصاء دقيق لذلك، في وقت سابق أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة"، أواخر العام الماضي، أن نحو 50 ألف طفل يمني يمكن أن يكونوا ماتوا خلال العام 2017 بسبب الجوع.

 

"من يتحمل المسؤولية عن تلك المآسي؟".. لعله السؤال الذي ربما لم يعد في حاجة إلى إجابة، فكل التقارير تتحدث عن مسؤولية لكلا الجانبين عن ارتكاب الجرائم ضد المدنيين.

 

الدكتور عمر الشرعبي "كبير باحثين" في مشروع الاستجابة الطارئة في اليمن، تحدث لـ"مصر العربية" عن تلك المآسي الإنسانية في البلاد، وكشف أرقامًا مفزعة عن مأساة اليمن.

 

يقول الشرعبي إنّ التقارير الدولية بشأن الأوضاع الإنسانية في اليمن ترى أنّها الأسوأ عالميًّا، لكن هنالك دراسة مهمة ودقيقة النتائج بشكل كبير جدًا أشرف عليها البنك الدولي، توصلت إلى نتائج خطيرة.

 

الباحث اليمني - من خلال تجربته وعمله على الدراسة مع مجموعة من المتخصصين باعتباره كبير باحثين لمشروع البنك الدولي التابع للأمم المتحدة للاستجابة الطارئة في اليمن - يوضح أنّها هدفت إلى معرفة المناطق المهددة لخطر المجاعة ومعرفة مدى انعدام الأمن الغذائي فيها.

 

خلصت تلك الدراسة المستفيضة - يوضح الشرعبي - أنّ دولة اليمن تعاني من ماسأة إنسانية مهولة وأنّها الأسوأ عالميًّا بأرقام مخيفة، حيث أنّ أكثر من 18 مليون شخص يعانون من قلة الغذاء وانعدامه لقلة الدخل للأفراد والأسر بشكل عام، وأكثر من 12 مليونًا يعانون من قلة الدواء وعدم توفره لهم وذلك لعدم مقدرتهم لشرائه إجمالًا.

 

وهناك أيضًا مأساة أخرى، بحسب الباحث، تتمثل في أنّ أكثر من ثلاثة مليون ونصف من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد بالإضافة إلى الحوامل.

 

ويشير إلى عدم صرف الرواتب للموظفين لمدة أكثر من عام ونصف من قِبل الأطراف السياسية، ومنها الحكومة الشرعية التي أخطات بقرارها المتسرع بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن رغم التقارير للخبراء الاقتصاديين الذين قدموا تقريرًا استراتيجيًّا بخطورة هذه الخطوة، لما يمثله ذلك من كوارث اقتصادية على الشعب.

 

ويتابع: "قرار رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي هو القشة التي قسمت ظهر البعير، وجعلت من جماعة الحوثي يلقون المسؤولية للحكومة الشرعية بعدن أو الرياض حسب تواجدها، وأرى أنّ الحكومة الشرعية أصبحت ولا زالت في تخبط اقتصادي وإداري، وهو سبب رئيسي أيضًا إلى جانب الصراع والأزمة التي ضاعفت المأساة في اليمن".

 

من أجل مواجهة هذه المأساة، يتحدث الشرعبي عن سيناريوهين، الأول تكثيف المساعدات وأن يتم الصرف مباشرة للحالات المستحقة عبر منظمات مدنية تعمل في العمل الطوعي تحت إشراف البنك للدولي واليونيسف.

 

أمّا السيناريو الثاني، فهو يتمثل في أنّ تسعى المنظمات الدولي للضغط على أطراف الصراع في اليمن للوصول للحل السياسي، والأهم ضغط البنك الدولي كونه الذراع المالي والاقتصادي للأمم المتحدة، متحدثًا عن دور واضح للولايات المتحدة وروسيا في تعقيد الأزمة والصراع في اليمن أو حلها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى