مناورات فوستوك الروسية.. شرقية المكان غربية الرسالة

مناورات فوستوك الروسية.. شرقية المكان غربية الرسالة
مناورات فوستوك الروسية.. شرقية المكان غربية الرسالة
[real_title] جرت العادة أنّ إجراء عملٍ ما، سياسيًّا أو عسكريًّا، في منطقة بعينها هو رسالة لتلك المنطقة بفحوى مهم يُراد توصيله، لكنّ ما أقدمت عليه روسيا مؤخرًا لا يبدو كذلك.

 

الحديث عن أضخم مناورات عسكرية تجريها روسيا في تاريخها، أجرتها شرقًا كجغرافيا، لكنّ كافة مضامينها يبدو أنّها موجهة إلى الغرب.

 

الثلاثاء الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، انطلاق مناورات "الشرق-2018" العسكرية، والتي تعد الأكبر في تاريخ الجيش الروسي منذ 37 سنة، تحت إشراف وزير الدفاع سيرجي شويجو.

 

تستمر المناورات أسبوعًا، بمشاركة نحو 300 ألف عسكري و1000 طائرة حربية و36 ألف آلية عسكرية مختلفة، إضافة إلى 80 قطعة بحرية.

 

تأتي هذه المناورات "فوستوك 2018" في ظل سياق يغلب عليه توتر العلاقات بين موسكو وواشنطن على خلفية الاتهامات الأمريكية بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وبعد كشف موسكو عن أسلحة جديدة وقوية تنذر بعودة الحرب الباردة بينها وبين واشنطن، فضلًا عن الخلافات حول الملفين السوري والإيراني.

 

وفي تصريح لقناة "روسيا اليوم"، قال وزير الدفاع الروسي إنّ "المناورات تشبه إلى حد ما مناورات الغرب-1981 لكنّها ستكون أوسع نطاقًا في بعض المجالات، ويشارك فيها أكثر من ألف طائرة و300 ألف عسكري وأسطول المحيط الهادئ والأسطول الشمالي وقوات الإنزال بالكامل.

 

وأضاف الوزير الروسي أنّ بلاده لم تنظم مثل هذه المناورات منذ عهد الاتحاد السوفيتي في 1981، متابعًا: "تصوروا أن 36 ألف وحدة من المعدات العسكرية وبينها الدبابات والمدرعات ومركبات المشاة تتحرك في آن واحد، ويتم تدريب كل هذه المعدات في ظروف تحاكي الواقع الحي".

 

وبخصوص مشاركة الصين بـ3200 عسكري و900 قطعة عسكرية بينها مقاتلات ومروحيات، أكّد المتحدث باسم الكرملين ديمتري يوسكوف أنّ "المشاركة الصينية تدل على أنّ البلدين الحليفين يتعاونان في كل المجالات".

 

ولم تكشف روسيا - على الأقل حتى الآن - عن تكلفة هذه المناورات الضخمة، لكن المتحدث باسم الكرملين أكّد: "هي ضرورية ومبررة ولا غنى عنها بسبب الوضع الدولي الراهن الذي يتسم عادة بالعداء تجاه بلادنا".

 

وتشارك كل المكونات الحديثة للجيش الروسي في التدريبات من صواريخ "إسكندر" القادرة على حمل رؤوس نووية ودبابات تي-80 وتي-90 الى الطائرات المقاتلة الحديثة من طراز سوخوي 34 و35.

 

وفي البحر، ينشر الأسطول الروسي عددًا كبيرًا من الفرقاطات المزودة بصواريخ "كاليبر" التي اختُبرت في سوريا.

 

وقد شارك 155 ألف جندي في المناورات العسكرية الروسية السابقة في المنطقة، "فوستوك-2014"، لكن في مناورات زاباد-2017 (غرب-2017) التي أجريت العام الماضي على أبواب الاتحاد الأوروبي، لم يشارك سوى 12 ألفًا و700 عنصر، حسب موسكو، إلا أنّ أوكرانيا ودول البلطيق تحدثت عن مشاركة أوسع من ذلك.

 

إلى ذلك، يتابع حلف شمال الأطلسي "الناتو" هذه المناورات الكبيرة بنوع من الحذر وعدم الاطمئنان، وقال ممثل الحلف ديلان وايت إنّ "هذه المناورات تهدف إلى إعداد العسكريين الروس لنزاعات واسعة النطاق".

 

من جهة أخرى، دعا نواب البلدان المنخرطة في "الأطلسي" في شهر مايو الماضي، إلى اتخاذ إجراءات رادعة ضد روسيا لكي تكف من تدخلاتها العسكرية في أوكرانيا وسوريا في مناطق عدة من العالم، فضلًا عن تدخلاتها في سياسات الدول، مثل التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونشر الأخبار والمعلومات الكاذبة"، حسبما ساقوا من اتهامات.

 

كما تتزامن المناورات العسكرية الثنائية الروسية الصينية مع فرض زمرة جديدة من العقوبات الاقتصادية والمالية من قبل الولايات المتحدة على بعض الشركات الروسية وكبار المسؤولين الروس، الأمر الذي يأجج الحرب الخفية الدائرة بين البلدين في ما يتعلق بالسباق نحو التسلح.

 

هذا، ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "التفكير في الرد المناسب لهذه العقوبات عبر تعليق الاتفاق بشأن الصواريخ النووية مع واشنطن ونشر أسلحة نووية في بلدان عدة بينها سوريا".

 

فيما رأى فلاديمير جوتينيف النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما للسياسة الاقتصادية والتنمية، أنّ "الضغط على روسيا سيزداد في المجال العسكري، بما في ذلك محاولة عرقلة مبيعات الأسلحة الروسية إلى بلدان أخرى".

 

وقال - في هذا الخصوص وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية: "نحن نرى أنّ الأمريكيين الآن يتحدثون عن فرض عقوبات على الدول التي ستشتري أسلحة روسية، وينبغي الاستماع إلى رأي بعض الخبراء الذين يقولون إنّه يتوجب على روسيا تعليق تنفيذ اتفاق عدم نشر التكنولوجيا الصاروخية، وكذلك أن تحذو حذو الولايات المتحدة وتنشر في خارج البلاد أسلحة تكتيكية نووية.. أنا لا أستبعد أن تكون إحدى الدول التي ستنشر فيها الأسلحة هي سوريا، حيث يوجد عندنا قاعدة جوية محمية".

 

وتعافت روسيا من الأزمة السياسية والاقتصادية التي عرفتها مباشرة بعد سقوط جدار برلين وفي ظل الرئيس بوريس ألتسين، وعزّزت مع مرور السنوات موقعها في العالم في ظل حكم الرئيس بوتن وأصبحت تلعب دورًا رئيسيًّا في حل بعض الملفات مثل الملف السوري والإيراني فيما طورت قدراتها العسكرية لتفرض نفسها لاعبًا دوليًّا أساسيًّا بجانب الولايات المتحدة.

 

في سياق متصل، قررت روسيا السماح للنساء بالقيام بتدريبات عسكرية والانضمام إلى الجيش، حسب وزير الدفاع الذي أكد "أن المؤسسة العسكرية تدرس حاليًّا المهن التي يمكن أن تعمل فيها النساء".

 

يكشف كل ذلك، حجم التحديات التي تتزامن مع هذه المناورات، كما تحمل الكثير من الدلالات، منها مثلًا موقع إجرائها في سيبريا الشرقية، وهي أقرب بكثير إلى ولاية ألاسكا الأمريكية منها إلى العاصمة الروسية موسكو، وهي دلالة تحمل الكثير من المعاني.

 

تعليقًا على هذه المناورات، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الروسي يفجيني بوجينكسي إنّه لا يجب اعتبار أي مناورات عسكرية على أنّها رسائل سياسية لأي جهة.

 

ويضيف في تصريحات متلفزة: "إذا أردنا أن تعتبرها رسائل سياسية، فهذه المناورات العسكرية فوستوك 2018 هي المناورات الأكبر في تاريخ الاتحاد الروسي، والرسالة يمكن أن تندرج على ثلاثة أمور".

 

يحدّد بوجينكسي الرسائل: "بغض النظر عن العقوبات والضغوطات وكل المزاعم والتهديدات التي توجّه إلى روسيا على المستوى الاقتصادي، تُظهر روسيا أنّها قادرة على القيام بهكذا مناورات على هذا الحجم الواسع، وهو ليس بالتكلفة المنخفضة".

 

النقطة الثانية - برأي بوجينكسي - أنّه بغض النظر عن مزاعم عزل روسيا وأنّها ليس لديها أي حلفاء، فهي تظهر بشكل أساسي أنّها تعزّز التعاون والعلاقات مع الشركاء الشرقيين وبخاصةً الصين، كما أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها قوات صينية مع نظيرتها الروسية في اختبارات عسكرية.

 

ويوضح أنّ النقطة الثالثة تتمثل في التأكيد للعالم أجمع أنّ القوات الروسية على جاهزية كاملة، ويمكنها أن تردع أي هجوم على الأراضي الروسية.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى