في تونس.. هل تدفع الصراعات حكومة الشاهد للاستقالة؟

[real_title] من جديد دخلت الصراعات التونسية بين الرئاسة والحكومة مرحلة غير مسبوقة في التصعيد بعد التصريحات الأخيرة للباجي قايد السبسي.

 

وطالب الرئيس التونسي في حوار مع متلفز، رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالاستقالة، في ظل استمرار الخلاف بين الشاهد ونجل الرئيس والذي طالب مؤخرًا بتغيير الحكومة، بسبب فشلها الاقتصادي.

 

ولم يكن الصدام الحالي الأول من نوعه، حيث سبقه صراع بين الحكومة واتحاد الشغل، والذي طالب هو الآخر بإقالة الحكومة.

 

الأزمة مع الرئيس

 

 

وكان الرئيس التونسي قد قال في حديثه المتلفز، إن على الشاهد إما أن يستقيل، أو أن يذهب إلى مجلس النواب لطلب الثقة مضيفا إن "الوضع السياسي الحالي صعب ولا يمكن أن يستمر كما هو عليه، فقد وصلنا إلى حد لا يمكن المواصلة معه، وبدأنا في الانتقال من السيئ إلى الأسوأ".

 

ويعتبر مراقبون أن الخلاف بين الرئيس التونسي ورئيس الحكومة، قد خرج من حيز الانتقادات الداخلية، إلى الحيز العلني وهو ما يعني أن الأزمة السياسية في البلاد وصلت إلى أقصى حالاتها، مشيرين إلى أن الرئيس التونسي انضم في ذلك لنجله حافظ قايد السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الحاكم، والذي يطالب دوما بتغيير شامل للحكومة التونسية متهما إياها بالفشل الاقتصادي.

 

ولا تبدو الأزمة الحالية المتفاقمة، بين الرئيس التونسي باجي قايد السبسي من جانب، ورئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد من جانب آخر، لا تبدو قاصرة على الجانبين، إذ تبدو هناك حالة من الاصطفاف وراء كلا الطرفين.

 

ففي جانب الرئيس التونسي ونجله زعيم حزب نداء تونس ،تقف مجموعة أحزاب تونسية معارضة ، إضافة إلى الاتحاد التونسي للشغل، وهو هيئة نقابية لها وزنها في الساحة السياسية التونسية في حين يرفض حزب حركة النهضة الإسلامي في تونس على الجانب الآخر، تغييرا شاملا للحكومة ويدعو لتغيير جزئي حفاظا على استقرار البلاد في ظل وضع اقتصادي حرج.

 

وكان حزب حركة النهضة وهو الحزب الأكبر في البرلمان التونسي، قد جدد تمسكه ببقاء الشاهد في منصبه، مدعوما بقيادات في حزب نداء تونس، منشقة عن نجل الرئيس زعيم الحزب.

 

ويشير ما ورد بالحديث المتلفز للرئيس التونسي بشأن حركة النهضة الإسلامية التونسية، إلى أن الأزمة ربما تمضي في طريق التصعيد، فقد أشار الرئيس إلى أن رئيس الحكومة، لا يتلقى دعما إلا من النهضة، في حين ينتقد مراقبون تونسيون ما ورد في الحوار التليفزيوني للرئيس معتبرين أنه أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد، وأنه ليس من حقه أن يطالب رئيس الحكومة بالاستقالة، كما أنه وبدلا من أن يكون عامل استقرار سياسي للبلاد، تحول إلى عامل لزعزعة هذا الاستقرار.

 

أزمات اقتصادية

 

 

وتأتي دعوة السبسي إلى استقالة الشاهد بينما ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية، وأزمة سياسية بين الحكومة ومعارضيها، يتقدمهم حزب نداء تونس الحاكم، الذي يترأسه نجل الرئيس الذي يطالب بتغيير شامل في الحكومة.

 

ويدعمه في ذلك "الاتحاد العام التونسي للشغل"، بينما يرفض "حزب النهضة" تغيير رئيس الحكومة ويدعو لتعديل جزئي، حفاظا على الاستقرار السياسي في مرحلة تحتاج فيها البلاد لإصلاحات اقتصادية جريئة يطالب بها المقرضون الدوليون.

 

وقال "حزب النهضة" إن البلاد شهدت تغيير أكثر من حكومة، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تغيير في الواقع الاقتصادي، خاصة وأن موعد الانتخابات المقبلة قد اقترب.

 

وكان رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، الذي عينه السبسي في 2016 قد اتهم في مايو الماضي، نجل الرئيس بتدمير الحزب الحاكم وتصدير أزمته لمؤسسات الدولة.

 

وتقول الحكومة إن الوضع الاقتصادي بدأ يتحسن بعد سنوات من الركود، مع عودة قوية لقطاع السياحة وتطور نسبي للاستثمارات الأجنبية وارتفاع الصادرات.

 

اتحاد الشغل

 

 

ومؤخرًا احتدمت الأزمة السياسية الحالية بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل بعد تصعيد الأخير خطابه تجاه الحكومة للمطالبة بتعديل في حكومة يوسف الشاهد ما تسبب في صدام بين الاتحاد والحكومة تطورت للمطالبة بإقالة الأخيرة.

 

وكانت العلاقة بين الاتحاد العام للشغل والحكومة التونسية متميزة على مدار عامين، لكن نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وجه مؤخرا عدة انتقادات للحكومة بسبب أدائها الضعيف من وجهة نظره وبدأ بالمطالبة بتعديل سرعان ما تطور للسعى لإسقاط الحكومة.

 

وتواجه تونس بالفعل أزمة اقتصادية ومالية حادة مع تجاوز معدل التضخم حاجز 7 بالمئة وارتفاع قياسي في الاستدانة من الخارج.

 

مخاوف الحكومة

 

وتتخوف حكومة الشاهد من تفجر الأوضاع الاجتماعية في ظل حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي التي تتغذى من تردي تدهور المقدرة الشرائية للتونسي.

 

ومما يعمق مخاوف الحكومة توتر علاقتها بالمركزية النقابية التي تتمتع بنفوذ اجتماعي واسع وتملك مفتاح تهدئة الشارع أو تحريكه ضد الائتلاف الحاكم وسياساته التي يصفها البعض بالمرتبكة والارتجالية.

 

وقال الشاهد في افتتاح جلسة استئناف المفاوضات الاجتماعية في مطلع الشهر الجاري إن "الحكومة تتقاسم مع المركزية النقابية هاجس توفير وتطوير المكاسب الاجتماعية في تونس".

 

طاولة المفاوضات

 

 

 ونوه بعودتها إلى طاولة المفاوضات، مشددا على أن "أيدي الحكومة ممدودة للحوار لأنه السبيل الوحيد للخروج بتونس من كل الأزمات".

 

 وجاءت تصريحات الشاهد التي تميل للتهدئة بعد يومين فقط من تصريحات شديدة اللهجة أدلى بها نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل هدد فيها بتحريك الشارع وتنظيم احتجاجات قطاعية متهما الحكومة بتدمير مكاسب تونس.

 

وفي تعليقه على تداعيات الأزمة مع الحكومة قال الطبوبي "إن "هذه الحكومة دمرت المجتمع وتسبّبت في تفقيره ومهتمة فقط بالعبث السياسي"، مشيرا إلى أن أكثر من 50 بالمائة من العائلات عاجزة عن تلبية أبسط ضرورات الحياة في ظل تدهور المقدرة الشرائية للمواطن.

 

وأضاف "الحكومة الحالية تفكر بغباء سياسي كبير واتحاد الشغل ليس عاجزا أمام التطورات التي تعيشها البلاد بل هو يراعي المصلحة الوطنية".

 

مرحلة صعبة

 

بدوره قال الدكتور رياض الشعيبي رئيس حزب البناء الوطني التونسي، إن المرحلة السياسية والاقتصادية صعبة في تونس، وما يبدو في ظاهره صراعاً حول حكومة الشاهد يخفي تناقضاً عميقا بين ما يطرحه الاتحاد العام التونسي للشغل من توجهات اجتماعية وبين هجمة ليبرالية من خلال سياسات اقتصادية تحررية يفرضها صندوق النقد الدولي على الحكومة التونسية.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن على الرغم من الموقف الملتبس لحركة النهضة المساند لرئيس الحكومة والمستجيب بالكامل للارادة الدولية، فإن فرصة استمرار الشاهد على رأس الحكومة ضعيف جداً، قائلاً " أعتقد أنه في كل الأحوال لا يمكن أن يستمر حتى بداية الدورة البرلمانية القادمة".

 

وتسائل هل ستكون في الإطاحة بالشاهد اسقاط للسياسات الاقتصادية الليبرالية في تونس، ثم أجاب :"لا أظن"، ولذلك سنجد أنفسنا خلال السنة القادمة وجها لوجه مع انفجارات اجتماعية حادة قد تؤثر على مستقبل الانتقال الديمقراطي بشكل جوهري.

 

فيما يرى الناشط التونسي عمار الطيب، إن اتحاد الشغل سيظل مظلة كل مظلوم، وما يطالب به يمثل كل العمال بل وكل الشعب التونسي الذي مازال يعاني بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أن الاتحاد دائما يدافع عن أصحاب الدخل الضعيف، لذلك طالب الحكومة بإجراء تعديلات من شأنها ترمم تشققات الاقتصاد التونسي لينعكس على الشعب لكن لم تستجيب وهذا ما دعف الاتحاد بالمطالبة بإقالة الشاهد باعتباره المسؤول الأول عن هذا التدهور.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى