المغرب في مأزق.. هل تشعل «الأمعاء الخاوية» حراكًا جديدًا؟

[real_title] من جديد تصدرت قضية "حراك الريف" المغربي أروقة المملكة، التي لطالما ارتبط الحراك بالاحتجاجات الشعبية، مثلما حدث قبل أكثر من عام ونصف العام..

 

الاحتجاجات هذه المرة جاءت من خلف القضبان، على خلفية إعلان العشرات من المعتقلين البدء في إضراب مفتوح، رافضين الطعام، ليخوضوا معركة جديدة "الأمعاء الخاوية"، رفضًا لأحكام سجنهم.

 

وبدأ حراك الريف بعد مقتل بائع الأسماك محسن فكري في أكتوبر من العام 2016، في مدينة الحسيمة في منطقة الريف بشمال المغرب، أعقبها احتجاجات في عدد من مناطق المملكة وخاصة في الريف، احتجاجا على مقتل فكري والمطالبة بتنمية الإقليم ومحاربة الفقر والبطالة في المنطقة.

 

قادة الحراك

 

وبعد أكثر من عام على محاكمة قادة الحراك، أثارت الأحكام التي صدرت عن الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في المغرب منتصف الأسبوع الماضي، في حق 54 معتقلا من نشطاء الريف، ردود فعل قوية داخل المغرب وخارجه.

بعض من معتقلي الريف

 

واتهم قادة الحراك، تهمة بارتكاب جنايات وجنح تمسّ السلامة الداخلية للدولة" وزعزعة استقرارها.

 

فقد وزعت المحكمة عقوبات بالسجن تجاوزت 300 سنة على معتقلي الريف، وعلى رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي وخمسة من رفاقه، الذين أدينوا بعشرين سنة سجنا لكل منهم، بعد متابعتهم بتهم ثقيلة تتعلق بسلامة الأمن الداخلي للدولة.

 

واعتراضًا على تلك الأحكام، رفض أبرز معتقلي "حراك الريف" استئناف الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، ويتعلق الأمر بكل من ناصر الزفزافي، الذي يُنعت بـ"قائد الحراك"، ونبيل أحمجيق الملقب بـ"دينامو الاحتجاجات"، ثم سمير أغيد ووسيم البوستاتي.

 

رفض الاستئناف

 

ويحاول دفاع المعتقلين، في الأيام الأخيرة، إقناع معتقلي "حراك الريف" بالعدول عن قرارهم، بخاصة أن موعد نهاية أجل طلب استئناف الأحكام شارف على الانتهاء، إذ يحدد القانون 10 أيام فقط لتقديم طلب الاستئناف بداية من يوم صدور الأحكام من طرف المحكمة.

 

وعلى صعيد ذي صلة، تعيش عائلات معتقلي الريف، بخاصة بمدينة الحسيمة، حزنا عميقا بعد صدور الأحكام القضائية ضدهم، إذ تجسد الحزن ليس فقط في الوقفات الاحتجاجية، ولكن أيضا في رفع أعلام سود فوق أسطح عدد من المنازل تعبيرا عن الحداد والحزن.

وسائل التواصل الاجتماعي، كانت حاضرة على نحو خاص، منذ الإعلان عن تلك الأحكام، بتعليقات من مغاربة، داخل البلاد وخارجها، استنكرت في معظمها مدد العقوبات ووصفتها بأنها "باطلة" و"صادمة" و"قاسية" و"ظالمة".. 

 

أعقبتها تغريدات من شخصيات وهيئات سياسية وحقوقية ومدنية، بعضها التزم موقف الحياد ودافع عن استقلال القضاء وبعضها الآخر رأى فيها ردة حقوقية تنذر بعودة "سنوات الجمر والرصاص"، العبارة التي يشير بها المغاربة إلى قمع الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان التي سادت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني في النصف الثاني من القرن الماضي.

 

أحكام قاسية

 

الناشط الحقوقي المغربي مصطفى بومليك قال: علينا احترام أحكام القضاء، لكن في نفس الوقت فالأحكام التي صدرت ضد شباب حراك الريف، نجدها قاسية جدا، مضيفا: هؤلاء الشباب خرجوا للتعبير عن غضبهم بعد مقتل بائع سمك بمدينتهم بالحسيمة، ورددوا هتافات منددة بتردي الأوضاع المعيشية، فعوقبوا بالسجن.

 

وأوضح الحقوقي المغربي لـ"مصر العربية" أن تلك الاحتجاجات اصطدمت بالأمن، حين تعامل الأخير معها بالقوة، فكانت النتيجة مقتل البعض، وللأسف الخاسر الأول هو المغرب.

 

وتساءل الحقوقي المغربي: لماذا تتجاهل الحكومة مطالب المحتجين؟ وأين صناع القرار مما يحدث في بلدنا؟ مشيرا إلى أن المشاكل الاقتصادية أبرز عوامل الاحتجاجات في المدن المغربية في الأشهر الأخيرة، وللأسف ليس من حلول لما يحدث.

في حين، اعتبر حقوقيون أن تلك الأحكام إشارة قوية إلى أن الدولة تمضي في مقاربتها الأمنية في التعامل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية لأبناء منطقة الريف، وهي بذلك توجه رسائل تحذيرية مفادها أنها لا تزال تمسك بآليات الضبط والتحكم، وأن لا أحد يستطيع أن يزعزع هيبتها.

 

من جهتها، سارعت العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية البارزة والتنظيمات الحزبية إلى مناشدة الملك محمد السادس إصدار عفو عام عن المعتقلين وتنبيه الدولة إلى التهديدات التي تشكلها حالة الاحتقان التي استعرت بعد النطق بتلك الأحكام والتحذير من تداعياتها التي قد تدفع باتجاه إطلاق حراك شعبي جديد يتجاوز منطقة الريف.

 

شعب مقهور

 

البرلمانية المغربية نبيلة منيب قالت في مؤتمر صحفي: "كان على الدولة أن تتعامل بحكمة مع معتقلي الريف وتطلق سراحهم وتستمع لصرخة الشعب المقهور".

 

وفي مقابلة مع جريدة هسبريس الالكترونية تساءل الزفزافي الأب "هل هو انتقام أم شيء آخر؟، الحسيمة تعيش حالة نكبة، معظم شبابها فر إلى إسبانيا. منهم من مات في البحر ومنهم من فر إلى مدن مغربية أخرى خوفا من الاعتقال، هناك جهات تريد أن يظل الاحتقان مستمراً في هذه المنطقة".

 

وكانت اشتعلت المغرب وبعض مدنها تأيدا لحراك الريف في الـ15 من مارس الماضي، تحديدا في منطقة جرادة، ولم تفلح وقتها الوساطات الحكومية ولا تدخل أطراف من المجتمع المدني لوقف مسار تلك الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة، شرقي المغرب، والتي استمرت لأزيد من أربعة أشهر دون توقف بعدما خطف الموت ما يفوق عن أربعة ضحايا نتيجة ظروف الاشتغال السيئة في "آبار" عشوائية لاستخراج الفحم.

 

وأدت الاعتقالات التي طالت نشطاء بارزون وقتها في ما بات يعرف بـ"حراك جرادة"، إلى تأجيج الوضع بالجهة الشرقية في المغرب، حيث خرجت مسيرات حاشدة طيلة تلك الأيام واستمرت.

يذكر أن مدينة الحسيمة، شمالي المغرب،كانت  قد شهدت مظاهرات عام 2011 متأثرة بما شهدته بلدان عربية أخرى "الربيع العربي"، لكنها توقفت لسنوات، حتى مقتل البائع المتجول "محسن فكري" الذي أشعل الاحتجاجات من جديد نهاية عام 2016..

 

وتحولت الاحتجاجات وقتها إلى مطالبات بالتنمية و"رفع التهميش" ومحاربة الفساد، وارتفعت وتيرتها حتى بات البعض يتحدث عن رغبة الريفيين في إحياء أحلام الانفصال الموءودة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

 

ويشعر المقيمون في منطقة الريف، التي توجد بها أغلبية من الأمازيغ، بالإهمال من جانب الحكومة المركزية في الرباط منذ أعوام طويلة وكثيرا ما نادوا بالانفصال.

 

الريف والحكومة

 

واتسمت علاقة منطقة الريف المغربي مع السلطة المركزية في المغرب بالاضطراب على مدى سنوات، فقد سعت في العام 1921 إلى أن تكون جمهورية مستقلة، ثم شهدت انتفاضات عدة ضد الحكم المركزي المغربي، نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، لكنها تعرضت للقمع الشديد. بحسب تقارير إعلامية.

 

وسعت الحكومة إلى تهدئة حالة الاستياء الواسعة بعد وفاة محسن فكري، نهاية عام 2016 وأمر الملك محمد السادس وقتها مسئولين بزيارة الحسيمة لتهدئة الحشود الغاضبة، لكن ومع استمرار المظاهرات، بدأت السلطات تتخذ إجراءات صارمة للتعامل معها، واعتقل عشرات المحتجين، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الاحتجاجات.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى