«عفرين».. ماذا يحدث في الشمال السوري؟

[real_title] من جديد، عاد الشمال السوري ليكون محط أنظار الجميع، قصف على إدلب، وسط تقدم للأسد، يقابله قصف تركي في عفرين، وعملية برية يقودها الجيش الحر تحت مظلة أنقرة، يواجهه انسحاب للروس من المدينة الجبلية، وبوادر مواجهات ربما تكون حتمية بين نظام الأسد والجيش التركي.

 

"عفرين" المدينة الجبلية الواقعة سوريا" target="_blank">شمال سوريا لم تهدأ منذ 10 أيام، غرب يحاولون صناعة جيش كردي في المنطقة المتاخمة للحدود التركية قوامه 30 ألف مقاتل، وسط رفض تركي وتأييد بريطاني روسي لموقف أنقرة، يصاحبه مواجهات عنيفة بدأت في الساعات الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر الجيش السوري الحر.

 

وبدأت تركيا قصفا مدفعيا على مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب في عفرين وبلدات أخرى بعد تعزيزات عسكرية للقوات التي تمركزت قبل نحو شهرين بتلال مطلة على مواقع للوحدات الكردية في قرية دير بلوط بناحية عفرين في ريف حلب الشمالي.

 

وأعلنت أنقرة أن الجيش السوري الحر دخل منطقة عفرين بريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية، وأنه بدأ عملية برية ضد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، مدعوما بدبابات الجيش التركي، كما أعلنت السلطات أن 15 منطقة جنوبي تركيا على الحدود مناطق أمنية خاصة.

أردوغان رئيس تركيا

 

وقالت قيادة الأركان العامة التركية إن الجيش السوري الحر بدأ عملية برية واسعة النطاق في منطقة عفرين، كما ذكرت مصادر عسكرية أن دبابات القوات التركية تدعم الجيش الحر في عملية "غصن الزيتون"، وأنه بدأ التقدم بمدينة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وهو ما أكده ظهر اليوم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم.

 

ماذا تعرف عن عفرين؟

 

عفرين مدينة سورية جبلية بريف حلب الغربي، خاضعة لسيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية، وتطالب تركيا بتطهيرها من "المنظمات الإرهابية" التي تقول أنقرة إنها تهدد أمنها القومي(وحدات حماية الشعب) الكردية (PYD).


وتقع عفرين في شمالي سوريا، وتبعد عن مركز مدينة حلب بنحو ستين كيلومترا في الجهة الشمالية الغربية، وهي منطقة حدودية محاذية لولاية هاتاي التركية.، وتقع المدينة في نقطة بعيدة نسبيا عن المناطق الكردية الأخرى بسوريا" target="_blank">شمال سوريا، وتحاذيها مدن ومناطق عربية.

وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية (PYD) وتسيطر على المدينة منذ سنوات وتلك القوات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (YPG) التي أعلنته تركيا إرهابيا.


لماذا اشتعلت المدينة الجبلية؟

 

 اشتعلت "عفرين" مؤخرا بسبب قرار للتحالف الدولي يدعوا بإنشاء قوة عسكرية كردية قوامها 30 ألف مقاتل لحماية الحدود السورية مع تركيا والعراق، وهو ما رفضته تركيا.

 

أنقرة لم تقف عند الرفض فقط، بل أعلنت عن عملية عسكرية كبيرة أسمتها "غصن الزيتون" ضد قوات وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تصنفها أنقرة بأنها منظمات إرهابية

وأوضح بيان صادر عن الأركان التركية، أن "عملية غصن الزيتون" تهدف لـ"إرساء الأمن والاستقرار على حدودنا، وفي المنطقة، والقضاء على "المنظمات الإرهابية" في مدينة عفرين، وإنقاذ شعب المنطقة من قمع وظلم الإرهابيين".

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قال إن قواته لن تتراجع عن عملية "غصن الزيتون"، وإنه يوجد نحو ثمانية اَلاف إلى عشرة اَلاف عنصر إرهابي في المنطقة، وهدد باستهداف أي دعم يمكن أن يقدم "للتنظيمات الإرهابية خلال العملية"، كما توعد المسؤول التركي تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة. 


ما الأهمية الاستراتيجية للمدينة؟

 

عفرين لها أهمية كبيرة، فمن الناحية الاقتصادية هي مركزا تجاريا وإداريا، تضم معامل ومنشآت صناعية كبيرة، خاصة تلك التي تعتمد على المنتجات الزراعية مثل معاصر الزيتون ومعامل البيرين والفحم، كما انتقل عدد من معامل الألبسة من مدينة حلب إلى عفرين بسبب الوضع الأمني المتدهور في حلب التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا.

 

 وسياسيا، تخضع المدينة للإدارة الذاتية وعسكريًا وأمنيًا "لوحدات حماية الشعب"، وتعتبر من التجمعات الثلاثة التي تشرف عليها الإدارة الذاتية في سوريا (الجزيرة، وعين العرب/كوباني، وعفرين).

 

أيضا، تحتل المدينة أهمية إستراتيجية في المشروع الكردي، نظرا لأنها تشكل الجسر الجغرافي لوصل هذا المشروع بالبحر الأبيض إذا أتيحت الظروف ذلك، كما صرح بذلك العديد من المسؤولين الأكراد، غير أن هذه المنطقة تعد خطا أحمر بالنسبة لتركيا التي تؤكد أنها لن تسمح بإقامة كيان كردي على حدودها الجنوبية مع سوريا.

 

وبالنسبة للأتراك فمكانتها كبيرة، فهي أول حائط صد لهم، ومنها يتسلل الجماعات المسلحة إلى جنوب تركيا، لذلك فإن تأمينها أمر حتمي لأنقرة.

 

السياسي السوري غازي فالح أبو السل، قال لـ"مصر العربية" إن أهمية عفرين الإستراتيجية تكمن في كونها على الحدود التركية مع لواء اسكندرون ومن الغرب جبل الأكراد وجبل التركمان وكلاهما محاذي للساحل السوري المطل على البحر، ومن الشرق منبج التي بيد الأكراد والتي تبعد حوالي أربعين كم عن عفرين وكلاهما أيضا حدود لتركيا إلا أنه تواجد قوات درع الفرات التابع للجيش الحر والمدعوم تركيا بين منبج وعفرين.

 

هل تصطدم تركيا بروسيا في عفرين؟

 

استبعد مراقبون أي صدام بين أنقرة وموسكو، مؤكدين وجود تنسيق بين القوتين حسبما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: إن هناك تنسيقاً روسياً تركياً عالي المستوى سبق انطلاق عملية "غصن الزيتون" في عفرين السورية، التي بدأت السبت.

 

وأكدت الصحيفة، أنه رغم التحفظ الروسي على تلك العملية، فإن مجريات الأمور تشير إلى أن هناك تنسيقاً عالياً بين البلدين.

 

وحسب الصحيفة، فإن زيارة رئيس هيئة الأركان التركية، خلوصي آكار، إلى روسيا قبل انطلاق العملية بأيام، وما أعقبها من سحب روسيا لمراقبيها في "عفرين"، تؤكد أن تنسيقاً جرى بين موسكو وأنقرة.

بوتين رئيس روسيا

 

وزارة الخارجية الروسية أصدرت بدورها بياناً عبرت فيه عن قلقها من تداعيات الهجوم التركي، في وقت قالت فيه وزارة الدفاع إنها "ستسحب قواتها ورجال الشرطة العسكرية لتجنب أي نزاع".

 

وأكد فرانس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي أن بلاده لن تتدخل في حال نشب نزاع بين قوات النظام السوري والجيش التركي، قائلا: إن روسيا لن تتدخل عسكريا في حال وقوع مواجهة سورية تركية مع انطلاق عميلة عفرين، مشيرا إلى أن الاتفاقات الروسية السورية لا تنص على ذلك.

 

 وأضاف أن التصادم بين نظام دمشق وأنقرة لا مفر منه عمليا بعد بدء العملية العسكرية التركية في عفرين، معتبرا أن هناك احتمالا كبيرا لأن تضطر قوات النظام "لحماية سيادة الدولة"، ومؤكدا أن روسيا ستقدم الدعم الدبلوماسي للنظام السوري عبر المطالبة بوقف العملية العسكرية التركية في الأمم المتحدة.

 

في حين، عبرت بريطانيا عن موقفها تجاه ما يحدث في الشمال قائلة: إن لدى تركيا المنضوية في حلف شمال الأطلسي مصلحة مشروعة في ضمان أمن حدودها، مضيفا أن بريطانيا ملتزمة بالعمل بشكل وثيق مع تركيا وحلفاء آخرين من أجل ايجاد حلول في سوريا.

 

هل تواجه تركيا الأسد عسكريا؟

 

رغم اتفاق الجيش التركي مبدئيا على رفض القوة العسكرية الكردية سوريا" target="_blank">شمال سوريا، إلا أن الاتفاق لن يدوم طويلا، خصوصا بعدما أعلنت أنقرة عن بدء العملية العسكرية بقيادة الجيش السوري الحر، فالأسد يعرف أن الحر يسعى لإسقاطه، لذلك سيضع العراقيل أمامه.


 التصادم بين نظام دمشق وأنقرة لا مفر منه عمليا بعد بدء العملية العسكرية التركية في عفرين، عليه قد تتدخل روسيا وتطالب بوقف العملية العسكرية مؤقتا.

الدكتور عماد الدين الخطيب، سياسي سوري والأمين العام لحزب التضامن، قال إن التوتر التركي الكردي في سوريا ذو شقين متباعدين فيما بينهما، أولهما في عفرين والثاني في منبج.

 

وأضاف في تصريحات سابقة لـ "مصر العربية" أن تركيا لن تتراجع عن حماية أمنها القومي على الإطلاق مهما أبدت من مرونة سياسية، ولذلك فإن وجود إقليم أو كيان كردي على حدودها الجنوبية سيكون بمثابة الأسفين الذي يدق في الدولة التركية.

 

وتابع: "بالتالي سيدعم الأكراد الانفصاليين في تركيا، والذي يتجاوز عددهم ربع سكانها إن لم يزد ولذلك لن تقف مكتوفة الأيدي متفرجة على التمدد الكردي على حدودها، لذا ذهبت إلى أبعد مما تتصوره المعارضة السورية وقواها حتى أنها أصبحت تتبنى الرؤية الروسية والإيرانية للصراع في سوريا، طالما أن ذلك يؤمن مصالحها القومية وقد تذهب أكثر من ذلك بالتقرب من نظام الأسد.

 

وأكد الخطيب أن "كل المؤشرات تؤكد عدم تراجع تركيا عن مواقفها في ظل دعم روسي من اقتحام مدينة عفرين مستخدمة ذرائع قد لا تكون واقعية وإن نجحت في ذلك أعتقد أنها سوف تستمر عملياتها باتجاه مدينة منبج، وكل ذلك من خلال دفع فصائل مسلحة سورية لتبني هذه العمليات بغطاء منها".

 

وبشأن الأكراد مضى الخطيب قائلًا: "أعتقد أن الأكراد هم الفريق الأضعف والخاسر وتحاول أمريكا استغلالهم كما استغلتهم روسيا، بداية من تأزم الموقف مع تركيا بعد إسقاط المقاتلة الروسية"، مشيرا إلى أن تركيا ستستغل حاجة روسيا لها في الصراعات السورية وتقضي على أي حلم لأكراد سوريا بإنشاء كيان لهم.

 

كيف يرد التحالف الدولي؟

 

التحالف الدولي اكتفى بنفيه مسؤولية ما يحدث في عفرين، فأعلن تحالف واشنطن الدولي لقتال "داعش" أن مدينة عفرين شمالي سوريا والتي أعلنتها أنقرة منطقة لعمليتها العسكرية ضد الفصائل الكردية، تقع خارج نطاق مسؤولياته.

 

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي، ريان ديلون، حول ما إذا كان التحالف يدعم عملية أنقرة ضد الأكراد في سوريا: "إن منطقة العملية التركية تقع خارج نطاق مسؤولية التحالف".

 

وهو ما أكده السياسي السوري ل غازي أبو السل ـ"مصر العربية": لا يوجد رد من التحالف الدولي وأمريكا على عملية عفرين التي يقوم بها الأتراك وكأن ثمة ضوء أخضر  مبدئيا على هذه العملية، قائلا: تلك هي السياسة فالدول تتفق في مكان وتختلف في مكان آخر وهذه هي لعبة المصالح.

 

واتفق معه في الرأي الدكتور عماد الدين الخطيب السياسي السوري والذي قال: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضحي بتركيا كحليف لها في حلف الناتو كما أنها ستحاول عدم التصادم والمواجهة معها لأن ذلك ينفي عدم رغبتها بتقسيم سوريا وهو مخالف للقرارات الدولية.

 

هل تدعم إيران تركيا في عفرين؟

 

عبرت إيران عن رفضها تشكيل واشنطن لقوات حدودية جديدة فى سوريا" target="_blank">شمال سوريا، في موقف يتفق مع حليفتها تركيا، ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمى تلك الخطوة بالتدخل السافر فى الشئون الداخلية السورية مما سيؤدى لتفاقم الأزمة.

 

ووفقا لوكالة (تسنيم) الإيرانية الرسمية اعتبرت الخارجية الإيرانية، خطوة تشكيل قوات كردية على الحدود السورية سوف تؤدى إلى تعقيد الأزمة، ومزيدا من عدم الاستقرار.

 

وأضاف قاسمى، “من اللافت للانتباه أن القرار الأمريكى اتخذ فى وقت يحقق فيه الجيش السورى وحلفاؤه انتصارات كبيرة ضد مجموعات داعش والنصرة الإرهابيتين، على حد تعبيره".

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى