تركيا تقصف عفرين.. هل بدأ الصراع المفتوح بين أنقرة والأكراد؟

[real_title] مع تصاعد حدة التوترات بين تركيا وأكراد سوريا إلى حد غير مسبوق، بدت آفاق الصراع مفتوحة على مصراعيها؛ خاصة مع  تهديدات أنقرة بالقضاء على القوة الأمنية التي ينوي التحالف الدولي تشكيلها في الشمال.

 

وتوعد الجناحان العسكري والسياسي لأكراد سوريا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما أسموه «تطهير المنطقة من مصائبه وإفشال مخططاته»، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل، وذلك بعد قصف قواته العسكرية لقرى كردية في مدينة عفرين.

 

وتواصل أمس التصعيد بين أنقرة والأطراف الكردية، ودفع الجيش التركي بتعزيزات إلى الحدود مع سوريا شملت دبابات، فيما طالب «حزب الاتحاد الديمقراطي» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإعلان «منطقتين آمنتين» في غرب الفرات وشرقه، وردع تركيا من شنّ هجوم عسكري على عفرين.

 

وأكدت «وحدات حماية الشعب»، الجناح العسكري للحزب، في بيان لها، على جاهزيتها للدفاع عن المنطقة، وتوّعد قائدها سيبان حمو بـ «تطهير المنطقة من مصائب أردوغان كما تمكن المقاتلون الأكراد من تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي»، بحسب وصفه.

 

مراقبون أكدوا لـ «مصر العربية» أن تركيا لن تتراجع عن حماية أمنها القومي ولو تقبل بوجود إقليم أو كيان كردي على حدودها وإن تطلب ذلك منها الدخول في مواجهات عسكرية، مؤكدين أن واشنطن طرحت ورقة القوة الأمنية في سوريا للضغط على أنقرة.

 

القوة الأمنية

 

 

كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها في إنشاء "قوة حدودية" تتكون من عناصر "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تضم في معظمها عناصر "حزب العمال الكردستاني"، وذراعه العسكري في سوريا "وحدات حماية الشعب" الكردية.

 

وأعلنت واشنطن، أنها ستطلق اسم "قوات حرس الحدود" على هذا التشكيل الجديد، على أن تنتشر هذه القوات على طول الحدود التركية والعراقية، تتوزع شمالا على الحدود التركية، وفي الجهة الجنوبية الشرقية على الحدود العراقية، بين المنطقة التي تخضع لنفوذ "قواتسوريا الديمقراطية" المدعومة من قبل واشنطن، والمنطقة التي يسيطر عليها النظام المدعوم من قبل روسيا، أي في منطقة وادي نهر الفرات.

 

قصف عفرين

 

 

وقصفت مدفعية الجيش التركي، مساء أمس قرى ناحيتي شيراوا وشرا بمناطق عفرين بريف حلب شمال سوريا، حسبما أفادت وكالة أنباء الفرات.

 

كما قصفت القوات التركية المتمركزة في إعزاز كلا من منطقة فيلات القاضي ومرعناز وقطمة التابعة لناحية شرا.

 

وأعلنت "قوات الدفاع الشعبي" الكردية المتمركزة في شمال سوريا أنها ستتصدى للوحدات التركية في حال اجتياحها لمدينة عفرين (65 كلم غربي حلب).

 

وأكد سيبان حمو، القائد العام لـ"الوحدات" الكردية، استعداد المقاتلين للرد على "أي استفزاز عدواني" من قبل تركيا.

 

ولا تخفي أنقرة خططها لشن عملية ضد الأكراد شمال سوريا، حيث يمكن أن تبدأ هذه العملية في كل لحظة، حسبما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

 وأعلنت تركيا، في مارس 2017، انتهاء عملية "درع الفرات" التي أسفرت عن ظهور منطقة خاضعة لسيطرة أنقرة في المثلث "إعزاز - جرابلس - الباب"، المنطقة الحدودية التي تعتبرها دمشق محتلة بطريقة غير شرعية من قبل القوات التركية والتشكيلات السورية الموالية لها.

 

تهديدات تركية

 

 

من جهته، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بـ "خنق" القوة الكردية المزمع تشكيلها على حدود بلاده بدعم أمريكي، "قبل أن تولد"، متّهماً الولايات المتحدة بدعم تشكيل جيش لترويع تركيا.

 

وأضاف: "تُصرّ دولة نَصِفُها بأنها حليف (أمريكا) على تشكيل جيش ترويع على حدودنا. ماذا يمكن لجيش الترويع هذا أن يستهدف عدا تركيا؟". وأضاف: "مهمّتنا خنق هذا الجيش حتى قبل أن يولد".

 

وتابع أردوغان: "القوات المسلّحة التركية أكملت استعداداتها لعملية في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الأكراد بشمال غرب سوريا وبلدة منبج. هذا ما لدينا لنقوله لكل حلفائنا: لا تتدخّلوا بيننا وبين التنظيمات الإرهابية، وإلا فلن نكون مسؤولين عن العواقب غير المرغوب فيها".

 

 في غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من خطورة "القوة الأمنية الحدودية"، مشيراً إلى أنها ستلحق الضرر بالعلاقات الأميركية- التركية "على نحو لا رجعة فيه".

 

رفض روسي

 

 

واعتبرت روسيا هذا الدعم الأمريكي لتشكيل القوة الحدودية الجديدة "مؤامرة لتفكيك سوريا، ووضع جزء منها تحت السيطرة الأمريكية".


وفي إشارة إلى القوة الجديدة المزمع تشكيلها، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "الإجراءات التي نراها حالياً تظهر أن الولايات المتحدة لا ترغب في الحفاظ على سيادة سوريا".

 

وأضاف: "واقعياً يعني ذلك فصل جزء كبير من الأراضي بمحاذاة الحدود مع تركيا والعراق".

 

في السياق، أعلنت حكومة بشار الأسد أن القوات الأمريكية في سوريا "قوة احتلال غير مشروعة" وأن أفراد قوات سوريا الديمقراطية "خونة".

 

مباحثات جديدة

 

وأعلنت الأمم المتحدة أمس عقد جولة جديدة من محادثات السلام السورية في العاصمة النمسوية فيينا في 25 و26 الشهر الجاري، قبل أيام من مؤتمر "الحوار الوطني" الذي تعدّ له روسيا.

 

وذكر بيان للأمم المتحدة أن المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا "يتوقع أن تحضر الوفود إلى فيينا، وهي جاهزة لعمل جوهري معه في شأن دستور البلاد الجديد"، مشدداً على أن "أي مبادرة سياسية من الأطراف الدوليين يجب تقويمها انطلاقاً من قدرتها على المساهمة في دعم عملية جنيف". 

 

وعلى خط تحضيرات "مؤتمر سوتشي"، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره التركي في الاستعداد لعقد المؤتمر "باعتباره حجر زاوية رئيس للوصول إلى تسوية الأزمة السورية".

 

أنقرة لن تتراجع

 

 

الدكتور عماد الدين الخطيب، سياسي سوري والأمين العام لحزب التضامن، قال إن التوتر التركي الكردي في سوريا ذو شقين متباعدين فيما بينهما، أولهما في عفرين والثاني في منبج.

 

وأضاف لـ "مصر العربية" أن تركيا لن تتراجع عن حماية أمنها القومي على الإطلاق مهما أبدت من مرونة سياسية، ولذلك فإن وجود إقليم أو كيان كردي على حدودها الجنوبية سيكون بمثابة الأسفين الذي يدق في الدولة التركية.

 

وتابع: "بالتالي سيدعم الأكراد الانفصاليين في تركيا، والذي يتجاوز عددهم ربع سكانها إن لم يزد ولذلك لن تقف مكتوفة الأيدي متفرجة على التمدد الكردي على حدودها، لذا ذهبت إلى أبعد مما تتصوره المعارضة السورية وقواها حتى أنها أصبحت تتبنى الرؤية الروسية والإيرانية للصراع في سوريا، طالما أن ذلك يؤمن مصالحها القومية وقد تذهب أكثر من ذلك بالتقرب من نظام الأسد.

 

وأكد الخطيب أن "كل المؤشرات تؤكد عدم تراجع تركيا عن مواقفها في ظل دعم روسي من اقتحام مدينة عفرين مستخدمة ذرائع قد لا تكون واقعية وإن نجحت في ذلك أعتقد أنها سوف تستمر عملياتها باتجاه مدينة منبج، وكل ذلك من خلال دفع فصائل مسلحة سورية لتبني هذه العمليات بغطاء منها".

 

واستطرد: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضحي بتركيا كحليف لها في حلف الناتو كما أنها ستحاول عدم التصادم والمواجهة معها لأن ذلك ينفي عدم رغبتها بتقسيم سوريا وهو مخالف للقرارات الدولية.

 

وبشأن الأكراد مضرى الخطيب قائلًا: "أعتقد أن الأكراد هم الفريق الأضعف والخاسر وتحاول أمريكا استغلالهم كما استغلتهم روسيا، بداية من تأزم الموقف مع تركيا بعد إسقاط المقاتلة الروسية"، مشيرا إلى أن تركيا ستستغل حاجة روسيا لها في الصراعات السورية وتقضي على أي حلم لأكراد سوريا بإنشاء كيان لهم.

 

رد عسكري تركي

 

 

من جانبه قال إبراهيم الطقش الخبير العسكري السوري إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الضغط على تركيا عبر تلك القوة المراد إنشاءها على الحدود الشمالية السورية، ليكون الأكراد دائما شوكة في ظهر النظام التركي.

 

وأوضح الخبير العسكري السوري في تصريحات سابقة "مصر العربية" أن تركيا تحارب من أجل عدم قيام دولة للكرد جنوب بلادها، وهو ما تلعب عليه واشنطن، تساعد سوريا الديمقراطية وتدعمهم عسكريا وفي نفس الوقت تعلن صداقة مع الأتراك.

 

وتابع: أعتقد أن تركيا سترد عسكريا في حال إصرار واشنطن على تلك القوة، عبر قصف تلك القوات ومناطق تواجدهم، فهي بمثابة حياة أو موت للأتراك، الأمر الآخر ستدعم روسيا أنقرة، وبالتالي لن تولد تلك القوة الآن.

 

وأضاف: يجري حاليا تدريب القوة الجديدة في المناطق التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية، رغم تهديدات تركيا.

 

ولفت إلى أن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية سيؤثر بشدة على العلاقات مع تركياالعضو في حلف شمال الأطلسي، وقد تصل لقطيعة إذا استمر التحالف في دعم الأكراد، خصوصا المقربين من حزب العمال الكردستاني.

 

وتعتبر تركيا القوات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة حليفة لحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يخوض تمرّداً في جنوب شرق تركيا.

 

وتنشر الولايات المتحدة نحو ألفين من جنودها في سوريا لقتال تنظيم "داعش" وقالت إنها مستعدة للبقاء في البلاد لحين التأكد من هزيمة التنظيم المتشدد، ويمكن أن تستمر جهود فرص الاستقرار، كما أن هناك تقدما له معنى في محادثات السلام بقيادة الأمم المتحدة لإنهاء الصراع.

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى