البشير يختار خليفته.. اختبار للشعبية أم تهدئة لـ«الجزيرة»؟

لم يكن إعلان الرئيس السوداني عمر البشير عزمه التنحيعن رئاسة البلاد، مفاجًئا، مع نهاية فترته الحالية، وعدم خوض غمار الانتخابات المقررة في 2020 ، لكنها المرة الأولى التي يشير فيها "البشير" إلى خليفته في المقعد الرئاسي.

 

إعلان البشير دعمه لوالي الجزيرة الوسطية محمد طاهر إيلا رئيسا لحزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أثار الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية في السودان.

 

وجاءت تصريحات البشير خلال لقاء جماهيري في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، التي يزورها منذ أيام، بعد فرض حالة الطوارئ، وحل المجلس التشريعي نتيجة لتفاقم الخلافات بين الوالي محمد طاهر أيلا وأعضاء المؤسسة التشريعية.

 

الرئيس السوداني وطاهر إيلا

 

فرقعة إعلامية

 

الدكتور "عبد المنعم المشاط"، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، يقول إن تصريحات البشير جاءت كمحاولة منه لتهدئة الأوضاع في البلد المضطرب، نظرا لفرض حالة الطوارئ وحل المجلس التشريعي.

 

ويضيف "المشاط" أنه عندما يُصرح البشير، فيجب على قارئ المشهد أن يتناول تصريحاته واضعا في عين الاعتبار توقيت صدورها، فالأوضاع السياسية في السودان تتقلب من حين إلى آخر دون التوقف كثيرا أمام تصريحات المسؤولين.

 

ويلفت "المشاط" إلى أن تصريح البشير قد يكون جاء لجس نبض الشارع السوداني وفي الوقت ذاته اختبارا لشعبيته، مؤكدا على أن تصريحات البشير تندرج تحت بند الفرقعة الإعلامية.

 

يذكر أن محمد طاهر أيلا،  صرح خلال ذات الفعالية، أن كافة قيادات الولاية وجماهيرها تدعم البشير للترشح في انتخابات 2020، لأن الوحيد القادر على تجاوز السودان محنته وصولا إلى بر الأمان.

 

دعم لوالي الجزيرة

 

"محمد عريبي" الباحث في الشؤون الأفريقية، وصف تصريح الرئيس السوداني بأنه يشبه بالونة الاختبار لمعرف رد فعل خصومه.

 

ويقول الباحث في الشأن الأفريقي، إن تصريح البشير علنا بدعم "إيلا" هو إعلان صريح للبشير بوقوفه بجانب إيلا ضد خصومه لتثبيت أقدامه في ولاية الجزيرة التي عينه فيها منذ عامين.

 

ونشبت خلافات بين والي الجزيرة محمد طاهر، وأعضاء في حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، الأسبوع الماضي، أدت إلى فصل 19 عضوًا من قيادات الحزب، وهم أعضاء في المجلس التشريعي للولاية، والذي يبلغ عدد أعضائه 94 عضوًا.

 

وتعود جذور الخلاف بين الوالي وحكومته، وبرلمان ولايته "المنتخب في 2015" إلى اتهام النواب للأول بـ"الانفراد" في اتخاذ القرارات، بينما يدفع مؤيدو الوالي بأنه "يقود حملة تصحيحية".

 

الرئيس السوداني وطاهر إيلا

 

ويستبعد "عريبي" أن يتخلى عمر البشير عن الحكم، خاصة بعد رفع العقوبات الأمريكية عن السودان.

 

ويضيف الخبير في الشأن الأفريقي، أن إعلان البشير عن خليفته، أحدث اضطرابا في الأوضاع الداخلية، ومشعلا الصراع على خلافته بعد تقديمه محمد طاهر إيلا على نائبه الأول والخليفة المفترض بكري حسن صالح.

 

ويؤكد حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أن أمر تحديد خليفة البشير في الانتخابات القادمة سابق لأوانه، حيث لم تتم مناقشته داخل المؤسسات بعد، قبل أن يترك الباب مواربا أمام تعديل الدستور وإعادة ترشيح الرئيس الحالي نفسه.

 

من هو محمد طاهر إيلا

 

تعرف الأوساط السياسية السودانية إيلا بكاريزما سياسية كبيرة، وساعده التنقل في المناصب الدستورية والتنفيذية على ابتداع أسلوب خاص به في قيادة الشأن العام، يمزج بين الاستئثار بالقرار وخلق دوائر ضيقة من المقربين.

 

تلك الميزة -وفقا لمراقبين- أكسبته أعداء كثر، بالقدر الذي جلبت له محبة آخرين، ولكن يبقى إشعال الخلافات والصراعات مع أعضاء حكومته الذين ينتمون لنفس حزبه "المؤتمر الوطني الحاكم"-، القاسم المشترك في شخصيته

 

ولد محمد طاهر إيلا عام 1951 بمدينة جبيت في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، وينحدر من جهة الوالد إلى قبيلة الميراب "الموس حسيني" ومن الوالدة إلى قبيلة القرعيب "الأب قسماب" فكلاهما تمثلان الهدندوة كبرى قبائل قومية البيجا.

 

 

ووفقا لسيرته الذاتية فقد درس إيلا بجامعة الخرطوم وتخرج في كلية اقتصاد.

وكان محظوظا في الولوج لسوق العمل العام، فعقب 3 أشهر فقط من تخرجه تم استيعابه في هيئة الموانئ البحرية ببورتسودان، قبل أن يتم ابتعاثه لإنجلترا لدراسة الماجستير.

 

وفي 1988 -قبل وصول البشير إلى السلطة بعام واحد- بزغ نجم إيلا، وقفز إلى تولى مهام تنفيذية كبرى، حيث تم تعيينه في فترة الديمقراطية الثالثة "حكم الصادق المهدي" وزيرا إقليميا في الإقليم الشرقي، ليعود مجددا مديرا لهيئة الموانئ البحرية سنة 1989 ويستمر بالمنصب لـ أعوام متتالية.

 

وبعدها انتقل إلى الخرطوم وقضى فيها نحو 10 سنوات شغل خلالها منصب وزير اتحادي، لوزارات التجارة الخارجية، النقل، الاتصالات.

 

وفي 2005، آثر محمد طاهر إيلا العودة إلى دياره واليا لولاية البحر الأحمر ليقضى في المنصب نحو 10 أعوام حتى عام 2015.

 

وشهدت تلك الفترة خلافات حادة؛ حيث دخل في صراع عنيف مع معارضيه في السلطة، استدعت نقله وتعيينه واليا على ولاية الجزيرة وسط البلاد.

 

 

ووصل البشير إلى السلطة بانقلاب عسكري في عام 1989، وحسب الدستور الانتقالي السوداني الذي قصر حق تولي المنصب على فترتين فقط، لا يحق له الترشح لدورة جديدة.

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى