استفتاء الانفصال.. هل يشن «التحالف الثلاثي» حربًا على كردستان؟

استفتاء الانفصال.. هل يشن «التحالف الثلاثي» حربًا على كردستان؟
استفتاء الانفصال.. هل يشن «التحالف الثلاثي» حربًا على كردستان؟
"إلى أين تتجه المنطقة؟".. ربما هذا التساؤل أكثر ما يلفت اهتمام المهتمين بشؤونها إزاء الاستفتاء الذي تجريه سلطات إقليم كردستان العراق غدًا الاثنين للانفصال عن حكومة بغداد المركزية.

 

هذه الاستفتاء يُقابل بموجة رفض عاصفة، إذ تراه أغلب الدول، إقليميًّا ودوليًّا، مهدِّدًا لأمن واستقرار المنطقة، على نحوٍ قد يكون بدايةً لتقسيم المنطقة إلى دول أخرى، كانت جنوب السودان باكورتها، فيما الدور الآن على كردستان العراق، ثم قد يكون الدور على سوريا.

 

من أهم الدول التي تعارض إجراء الاستفتاء، تركيا وإيران، فالدولتان اللتان جمعهما نوعٌ من التقارب في سوريا، يوجهان رسائل تحذير وصلت إلى التحرك على أرض الفعل، من أجل وقف الاستفتاء.

 

الاستفتاء يتوقع أن يفتح شهية أكراد إيران وتركيا للانفصال، وهو مصير تتخوف منه أنقرة وطهران اللتان تحاولان تطويقه بالدبلوماسية، بينما تلوح الحكومة العراقية في بغداد بالحل العسكري، وهو ما ينذر بصراع في العراق بعد القضاء على تنظيم "الدولة"، ما ينذر باتجاه البلاد نحو جولة دموية جديدة، ولكن بعناوين قومية هذه المرة.

 

الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد على هامش مشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، التحذير من مخاطر كردستان" target="_blank">استفتاء كردستان، ودعا المنظمة الدولية إلى الدعم الحازم لوحدة أراضي العراق.

 

تركيا قالت على لسان وزير دفاعها نور الدين جانيكلي إنَّ تقسيم العراق أو سوريا قد يسفر عنه اندلاع صراع عالمي.

 

وصرح جانيكلي: "التغيير الذي يعني انتهاك وحدة الأراضي العراقية يفرض خطرًا كبيرًا على تركيا"، معتبرًا أنَّ انتهاك وحدة أراضي سوريا والعراق قد يشعل شرارة صراع عالمي أكبر لا نهاية له".

 

وفيما يبدو تلميحًا بتحرك منتظر، أكَّد نوري المالكي نائب الرئيس العراقي أنَّ بلاده لن تسمح بقيام إسرائيل ثانية شمالي العراق.

 

وبحسب بيان صادر من مكتب المالكي، فإنَّ هذا التصريح جاء خلال اللقاء الذي جمعه بالسفير الأمريكي لدى بغداد دوجلاس ألن سيليمان، محذرًا في الوقت نفسه، المطالبين بالاستفتاء من التداعيات الخطيرة التي سيخلفها هذا الإجراء على أمن وسيادة ووحدة البلاد.

 

لم يتضمن البيان الذي نشرته وزارة الخارجية العراقية على موقعها الإلكتروني أي تفاصيل عن الإجراءات المحتملة، لكنه أشار إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية لإقناع حكومة إقليم كردستان بإلغاء الاستفتاء، وأنَّ الوزراء وجَّهوا دعوتهم إلى المجتمع الدولي لأن يأخذ دوره بشأن ذلك.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدَّد بفرض عقوبات على إقليم كردستان، في وقت تجري القوات التركية تدريبات عسكرية على مقربة من الحدود، كما لوَّح رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قبل أيام بإمكانية التدخل بالقوة في حال حصول إشكالات إثر الاستفتاء.

 

مثَّل المحور الإيراني العراقي التركي العامل الأبرز في الجبهة المضادة لإجراء الاستفتاء، وأصدر "الثلاثي" بيانًا مشتركًا ينص على اتخاذ "إجراءات" ضد إقليم كردستان العراق، إذا ما مضى قدمًا في إجراء الاستفتاء على الاستقلال.

 

وفي البيان المشترك الذي تلى اجتماعًا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبَّر وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري ونظيراه الإيراني محمد جواد ظريف، والتركي مولود جاويش أوغلو عن قلقهم من أن يعرض الاستفتاء المكاسب التي حققها العراق ضد تنظيم "الدولة" للخطر ومن احتمال اندلاع نزاعات جديدة في المنطقة.

 

وجاء في البيان الذي نشرته الخارجية العراقية على موقعها الإلكتروني: "الاستفتاء لن يكون مفيدًا للأكراد أو لحكومة إقليم كردستان، واتفق المجتمعون على اتخاذ إجراءات مضادة بالتنسيق فيما بينهم".

 

لعل المحور التركي – الإيراني هو الأكثر رفضًا للاستفتاء، وفي الوقت الذي كان يقوم فيه رئيس هيئة الأركان المشتركة الإيراني محمد حسين باقري بزيارة أنقرة منتصف أغسطس الماضي، كان قادته العسكريون يحشدون قواتهم على الحدود الإيرانية مع العراق، وهذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها إيران لدعم من تركيا. 

 

وبالإضافة للقوات، كثَّفت إيران من طلعات طائرات بدون طيار، وتكهن الكثيرون عن إمكانية شن عملية إيرانية – تركية ضد قواعد حزب العمال الكردستاني إلا أن طهران نفت سريعا الأخبار، كما أعلنت طهران غلق المجال الجوي مع الإقليم.

 

كما انعقد في تركيا قبل يومين اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، وأصدر بيانًا وجَّه فيه نداءً أخيرًا إلى سلطات إقليم كردستان العراق لإلغاء الاستفتاء الذي تعتبره أنقرة "غير شرعي"، وتخشى أن يعزِّز حصول أكراد العراق على استقلالهم طموحات الأقلية الكردية التركية التي تمثل ربع السكان في تركيا.

 

فسِّرت هذه التحركات على أنَّ حربًا قد يشنها هذا التحالف على الإقليم الكردي تحسبًا لما بعد الاستفتاء، لا سيّما المناورات التي أجرتها طهران قرب الحدود الكردية، وكأنه استعدادٌ لحرب ضروس، قد تبدِّد أحلام الكرديين في دولتهم، كما تنذر بإشعال بؤرةٍ يُقال إنَّ فيها ما يكفيها.

 

وفيما يبدو ردًا كردي على كل هذه الاعتراضات وربما التهديدات العسكرية، أبدت حكومة الإقليم امتعاضها من هذه التصريحات، وأشارت إلى حق الكرد في تحقيق تطلعاتهم، لافتةً إلى أن الاستفتاء قضية عراقية داخلية ولا يحق لأي دولة أخرى التدخل به.

 

دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم أصدرت بيانًا، ذكرت فيه أنَّ "تقرير المصير" حق مشروع للشعب الكردي الذي قدم الكثير من التضحيات الجسام لتحقيقه شأنه شأن الشعوب الأخرى.

 

وأضاف البيان أن مسألة الاستفتاء مسألة عراقية داخلية وسيتم تباحث استقلال كردستان مع حكومة بغداد، ورفض أي تصريحات خارج هذا الإطار، وأي تدخل من أي طرف.

 

واكد أنَّ إجراء الاستفتاء حق طبيعي مشروع لشعب كردستان، مشيرًا إلى أنَّ الأكراد صاحب القرار النهائي بشأن الاستقلال.

 

كما صرح رئيس الإقليم مسعود بارزاني بأن الوقت قد حان بالفعل لاستقلال الكرد عن العراق، مشيرًا إلى أنَّ أولى الخطوات نحو ذلك الهدف، تتطلب إجراء استفتاء شعبي.

 

المحلل السياسي العراقي محمد أرسلان رأى أنَّ التهديدات الصادرة عن "الدول الثلاث" ما هي إلا رسائل موجهة إلا إقليم كردستان.

 

وقال لـ"مصر العربية": "لا أعتقد شن عمل عسكري ضد الإقليم، لأنَّ دول إيران وتركيا والعراق تدرك جيدًا التوزانات بالمنطقة في الوقت الراهن، والكل يدرك أنَّ هناك لعبة خطيرة من قبل الغرب تمارس ضد الدول العربية في السنوات الأخيرة".

 

ما قد تفعله الدول الثلاث إزاء كردستان يوضحه "أرسلان" بأنّها قد تُقدم على إحداث بلبلة هناك، لافتًا إلى أنّ تركيا قد تستخدم التركمان في كركوك أو الموصل من أجل إشعال أعمال عنف هناك، بما يغيِّب الاستقرار عن هذه المنطقة.

 

المحلل العراقي عاد يؤكد أن الطرح العسكري مستعبد في خضم هذه الأزمة، معتبرًا ما يجري في هذه الآونة حربًا إعلامية وليست عسكرية بمعناها التقليدي. 

 

ووضع سببًا آخرًا لاستبعاد إمكانية التدخل العسكري، وهو أنَّ الدول الثلاث على قناعة تام بأنَّها ستكون بمثابة حرب استنزاف ويخسرون فيها أكثر ما يربحون.

 

تأجيل الاستفتاء - كما تردَّدت أنباء مساء أمس - استبعده "أرسلان"، وقال إنَّ الاستفتاء سيتم إجراؤه كون الإقليم بلغ مرحلة اللاعودة، لكن الإشكالية تتمثل في المرحلة التي تلي ذلك.

 

وهنا أشار إلى أنَّ خطوات ما بعد الاستفتاء - إذا ما انتهى بـ"نعم" - ستطول كثيرًا، لا سيّما الحاجة إلى التوافق الدولي، في ظل الاعتراضات الكبيرة التي توجه للاستفتاء من قبل المجتمع الدولي، كما أنَّ الداخل الكردي ليس على توافق حيث تسود بعض الاختلافات هناك. 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر مصر العربية وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى