7وادث للحب قصة أخيرة! موجز نيوز

الجمعة 19 أغسطس 2016 01:51 مساءً لحظات مرت عليه ثقيلة كدهر قاس وطويلة كسنوات عجاف.

وقف يختلس النظرات عبر تلك النافذة الزجاجية المستديرة التى تتوسط باب الرعاية المركزة، ولهفة مفعمة بالقلق تسكن كيانه يكاد معها يحطم ذلك الحاجز الذى يفصله عن حبيبة أرقدها المرض وغيّبها عن الوعى.

يعتصر الحزن ملامح وجهه، فيضيف إلى تجاعيد حفرتها سنواته الثمانون تجاعيد أخرى ليبدو وقد تجاوز المائة من عمره.

يتساقط ضعفه من بين يديه فلا تقوى قدماه على حمله، يتشبث بمقبض الباب لعله ينقذ جسده الهزيل من السقوط أرضاً، إلا أن يداً حانية تسرع لتمنع سقوطه وصوتاً مشفقاً يردد:

- هون عليك يا والدى..

ينظر فى وهن لذلك الوجه المبتسم سائلاً:

- من أنت؟

تزداد نبرة الحنان فى صوته مجيباً:

- أنا الطبيب المختص بحالة زوجتك.

وكأن إجابته تحمل بين حروفها طوقاً للنجاة، فقد انتفض الرجل متلهفاً، وأمسك بذراعه هاتفاً بصوت مهتز:

- حقاً؟ إذن دعنى ادخل إليها.. فقط أريد أن أطمئن عليها من قرب...

ربت الطبيب على ظهره مهدئاً، وقال فى تردد:

- لكن يا والدى ممنوع دخول أحد...

قاطعه الرجل متوسلاً:

- أرجوك يا ابنى.. دعنى وأعدك إلا أصدر أى صوت ولن أمكث طويلاً.. فقط عشر دقائق... أرجوك.

مط الطبيب شفتيه فى حرج، وأومأ برأسه متفهماً، ثم أشار إليه قائلاً: وهو يفتح باب حجرة الرعاية:

- حسناً.. ستدخل إليها.

قالها ودفع الباب، فما كاد يفتح حتى أسرع الرجل يدلف وكأن قوة خفية تملكته، فراح يقطع المسافة بين الباب والفراش الذى ترقد عليه امرأته قفزاً، بينما زفر الطبيب تأثراً وأسرع يغلق الباب ويبتعد.

تسمرت قدماه أمام فراشها، وأحس بغصة تسد حلقه، وهو يرى تلك الأجهزة المتصلة بجسدها المسجى.

اغرورقت عيناه بدموع الحزن والقهر ولم يلبث أن انكفأ يقبل جبينها ويغرق وجهها بدموع لهفته الحارة، ثم أجبره ضعفه على الجلوس على أحد المقاعد وقد قربه من الفراش.

أسرع يلتقط كفها بين يديه فى حنو، وهو يغمغم من بين دموعه:

- أنا هنا يا حبيبتى.. أنا بجانبك فلا تخافى..

قاوم دمعة أخرى كادت تغرق وجنته، فأسرع يخنقها بين جفنيه وقد تملك صوته تماسك مفتعل حاول أن يبديه وكأنما يخشى أن تحس، وهى فى غيبوبتها، ذلك الوهن الذى يعتريه.. ثم قال هامساً:

- ستنتصرين على مرضك يا زوجتى الحبيبة... وسوف تشفين قريباً.. نعم، سوف تعودين إلى لتفى بوعدك لى..

ألم تعدينى يوم زواجنا بأن تظلى معى مائة عام.. ولم يمر سوى ستين عاماً فقط.. هيا فإنى أنتظرك...

إلا أنه لم يستطع تلك المرة مغالبة دموعه، فقد غرق فى بكاء منتحب، حتى إن جسده راح يهتز بشدة واستطرد وهو يقبل يدها:

- لا تتركينى أرجوك.. فإننى لا أستطيع تخيل حياتى بدونك.. بل لا أستطيع أن أكمل حياتى بدونك.

قالها وازداد نحيبه وقد انكفأ رأسه فوق جسدها واحتضن كفه يدها فى إصرار... و...

وانتفض بعنف رافعاً رأسه عنها ونظر إلى يده الممسكة بيدها فى ذهول.. فقد أحس بيدها تضغط على يده برقة

وكأنها تطمئنه، نظر إلى وجهها وكأنه يسألها أحقا تلك يدك، فلم يتمالك نفسه مما رأى، فتلك عيناها تهتز اهدابهما وكأنها ستفتحهما.. لكنها لم تفعل بل..

بل اهتزت شفتاها فى ابتسامة جانبية خفيفة جعلته ينتصب واقفا وهو يهتف:

- يا الله.. أنت تفيقين يا حبيبتى.. لقد استجبت لى.

لكنه لم يلبث أن تجمد فى وقفته عندما سكنت حركة يدها تماما وتوقفت اهدابها و...

وأطلق أحد الأجهزة المتصلة بها صفيرا منتظما.

تملكه الذهول وهو ينظر إلى الأطباء والممرضات الذين هرعوا إلى زوجته ولم يلبثوا أن تملكهم الأسف ناظرين إليه فى إشفاق حزين بينما بدا عليه عدم التصديق.

ازداد تشبثاً بيدها وردد، وكأن صوته يصدر من عالم سحيق:

- لا.. لم تمت.. لقد وعدتنى.. لقد أمسكت بيدى وابتسمت لى.. لم تمت...

حاول أحد الأطباء تهدئته إلا أنه ارتمى فوق جسدها ولم يزل يردد كلماته.

أشار أحد الأطباء لزملائه بمغادرة الحجرة احتراماً لحزن الرجل.

عشرون دقيقة كاملة مرت وما زال الرجل منكفئاً على جسد زوجته، محتضناً يدها إلى صدره.

عاد أحد الأطباء ليدلف مقترباً من الرجل، وهو يغمغم فى تردد:

- البقاء لله يا والدى.. حاول أن تتماسك.

قالها وأمسك بكتفى الرجل محاولاً أن يرفع رأسه و...

لكن الرجل لم يستجب، فقد مال جسده فجأة وسقط رأسه على صدره، بينما ما زالت يده تحتضن يد زوجته.

فصاح الطبيب فى ذهول:

- لقد مات.. مات حزناً على زوجته.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوفد وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى #اليوم السابع - #حوادث - رئيس حقوق الإنسان: الرئيس السيسى حريص على استمرار دعم القضية الفلسطينية