اخبار السياسه الأوفرتير

الأوفرتير هو أول جزء في أي مسرحية ويتم فيه تناول قصة المسرحية بشكل من الغموض، العجيب أنه إذا ما وصفنا حياتنا بالمسرحية، سنجد أن هناك فترة في حياة الإنسان تكون هي الأوفرتير لمسرحية الحياة، وهذه الفترة هي الفترة ما بين سن الخامسة والثانية عشر تبدأ خلالها ملامح حياة الإنسان من هذا الوقت وحتى الموت في التشكل ثم الظهور، وقتها يكون المتفرجين هم الأهل ثم زملاء ومعلمين المدرسة ثم يبدأون في الاتساع شيئا فشيئا حتى النهاية.

أيضا يكون هناك جزءا من الغموض فلا أحد يعلم ما إذا كان هناك حبكة درامية وضعها المؤلف الأعظم للكون تحتوي على تحول في شخصية البطل يمحو كل ما ظهر في أوفرتير مسرحية حياته كأن لم يكن أم لا، الفارق هنا أن لكل شخص في الكون مسرح خاص به، وجمهوره في هذا المسرح هم أبطال لهم مسارحهم وعروضهم الخاصة، فالكون دائرة لا نهائية من المسارح، والذي سيُخلد اسمه هو صاحب أهم العروض وأكثرها لفتا للانتباه سواء أن كان الانتباه للإعجاب أو الاحتقار، فأكثر الناس فسادا يتم ترسيخ اسمائهم مثلهم كمثل أكثر الناس صلاحا أو نجاحا.

ولكن الله لا يحاسبنا على تخليد الاسماء بل يجاسبنا على آداء الأدوار، فرغم أنه المؤلف الأعظم لكل تلك الحيوات إلا أنه يعطينا نسبة من الارتجال كفيلة بأن يحاسبنا عليها، وتبدأ هذه المساحة من الارتجال عقب انتهاء الأوفرتير مباشرة، وتنتهي مع غلق الستار للمرة الأولى والأخيرة في عروض اليوم الواحد هذه، بيد أن الله لم يعطينا هذه المساحة إلا لأنه يعلم جيدا أننا مرتجلون ممتازون، وأن أدوارنا بها مساحات شاسعة للارتجال يمكن استغلالها بشتى الطرق، فالإنسان ميسر في أساسيات الدور، ومخير في طريقة العرض، وهي التي سيُحاسَب عليها في النهاية.

كما أن من حكمة المؤلف أن الارتجال هو ما يبني تصاعد الأحداث وتلاقي الشخصيات، فنجد القصص في الحياة حولنا تتكون ممن يخرجون عن السرب ويريدون التحليق وحدهم أو بمعنى آخر الارتجال، إذن فنحن ننتج قصصنا وأفلامنا ومسرحياتنا من مسرحية كبرى يلعب الجميع فيها دورا محددا يمكنه الخروج عنه، ولكن الفارق أن لا أحد من بين الجميع يقوم بالتمثيل، الجميع يعيش الدور ويموت معه أو لأجله، ولكن الجميع يريد البقاء على خشبة المسرح لأطول الأوقات رغم أن المخرج والمؤلف لن يتركنا ليطول دورنا عن الوقت المحدد مهما أحب الجمهور الدور، سنخرج في الموعد المحدد بالضبط.