اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، كلمات انطلق منها الزعيم الراحل محمد أنور السادات لقراءة بيان ثورة يوليو، بعد أن تمكن الضباط الأحرار في الثالث والعشرين من يوليو 1952 من السيطرة على المرافق الحيوية بالدولية، ومنها الإذاعة، معلنًا الثورة على الفساد، واختتم بيانه قائلًا: "إني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجردا من أي غاية".
ويمتلئ تاريخ مصر بالثورات منذ عهد الفراعنة، كوسيلة من وسائل التعبير الممكنة عن عدم الرضا عن واقع أو رد فعل لأسلوب إدارة أو فساد أفراد أو مؤسسات، وعبرت الكتابة الهيروغليفية بمفردات مختلفة عن العنف والتآمر والتمرد والعصيان، وغيرها من المصطلحات باعتباره أول وأكثر شعوب الأرض قياما بالثورات.
وفي خلال العصر الفرعوني، تعددت الثورات في مصر منها ثورات اقتصادية واجتماعية ودينية وضد الغزاة المستعمرين للأرض، وبدأت الثورات في فترة مبكرة من الدولة القديمة في الأسرة الثانية حيث قامت أول ثورة دينية في التاريخ حين تمرد المصريين على عبادة الإله حورس إله الشمال وتحولوا إلى عبادة ست إله الجنوب حتى أن الملك في ذلك الوقت غير اسمه من "سخم أب" إلى "ست بر أب سن" وحدثت تغيرات جذرية بعدها في الدولة، وزادت مساحة الحريات الدينية، وفقًا لمجدي شاكر، كبير الآثريين بوزارة الآثار.
أما الثورة الثانية، في تاريخ مصر القديمة كانت في نهاية الدولة القديمة كنتيجة لطول حكم الفرعون بيبي الثاني والتي بلغت 93 سنة وانتشر خلالها الفساد، حسبما أكد شاكر لـ"الوطن" واصفًا إياها بأول ثورة اجتماعية ضد الظلم والإقطاع، والتي وثقتها كثير من البرديات أشهرها بردية موجودة في متحف ليدن بهولندا برقم 344 عرفت ببردية إيبور تصف أسباب وحالة الفوضى التي سادت مصر وهي أول ثورة تلقائية قام بها الشعب.
وفي هذا الإطار يقول عماد مهدي، الباحث الأثري وعضو اتحاد الأثريين، سجل التاريخ أول ثورة اجتماعية في أعقاب حكم الأسرة السادسة استمرت حوالي 200 سنة وعاشت مصر خلال هذه الفترة في فوضى كبيرة، وبعد ذلك بدأت الدولة يحكمها حكام الأقاليم كالمحافظين حاليًا وبدأوا يستولوون على الأموال ونهبوا الشعب، وفي هذه الفترة ظهرت قصة "الفلاح الفصيح" الشهيرة عن أول فلاح تعرض للظلم والاعتداء على أرضه فذهب للحاكم معبرًا عن غضبه وأصبح رمزا لأول تعبير عن الغضب الشعبي إلى الحاكم مباشرة في تاريخ مصر.
فيما اندلعت أول ثورة للعمال في عصر الملك رمسيس الثالث، استمرت 18 يوم، حسبما أكد مهدي لـ"الوطن"، وقام بها عمال المدينة الذين تأخرت رواتبهم وكانت ثورة عمالية كبيرة.
وفي عهد الدولة الحديثة اندلعت أول ثورة دينية في العالم على يد أخناتون الذي أراد توحيد الألهة في إله واحد رمز له بالشمس، كان هدفه تغيير المعتقدات عندما نادى بعبادة أتون وهدم العبادات الأخرى، وكانت بمثابة انقلاب على فكر ديني ظل راسخا لقرون، حسب قول شاكر.
ويقول كبير الآثريين، استمرت ثورات المصريين في العصر البطلمي بقيادة الفرعون الثائر "حور ون نفر" ضد أغسطس الروماني لفرضه الضرائب الكبيرة ثم ضد ديلقديانوس ثورة أخرى لاضطهاده المسيحيين.
ولم يخل العصر الأموي من الثورات، ومن أبرزها تلك التي قامت ضد الأخوين "الأمين والمأمون" وضد فرض الضرائب، واستمرت الثورات في العصر العباسي وضد حكام الأقاليم في العصر العثماني وكان أشهرها ثورتهم بقيادة عمر مكرم وتولية محمد علي زمام الحكم.
وأشار شاكر، إلى ثورة عرابي ضد الخديوي توفيق، والاحتلال الإنجليزي وثورة سعد زغلول 1919 تلتها ثورة يوليو التي نحتفل بذكراها اليوم، ثم ثورتي 25 يناير و30 يونيو، مؤكدًا أن الشعب المصري من أكثر شعوب الأرض قياما بالثورات في التاريخ.
جميع الحقوق محفوظة لمصدر الخبر الوطن وتحت مسؤليتة ونرجوا متابعتنا بأستمرار لمعرفة أخر الأخبار علي مدار الساعة مع تحيات موقع موجز نيوز الأخباري
